نعم: الإسلام هو الحضارة.


 


بقلم: ابراهيم الناية 

يعتقد كثير من الناس أن الحضارة هي التطور في الجوانب المادية من الحياة ونسوا أن الحضارة يتحدد مفهومها من خلال الإنسان أولا وما يحمله هذا الإنسان من مبادئ وقيم أخلاقية وإنسانية، أو ما يسود أفعاله من رعونة وهمجية ، كما يخطئ البعض في تحديد مفهوم الإنسان المتحضر والإنسان المتوحش، الذي لا يعرف في حياته الخطوط الحمراء لأن كل شيء عنده مباح، ويتصرف وكأنه لا نظام يسود الكون ويضبط منطق الحياة، فالغرب أنتج تقدما هائلا في البعد التقني، ولكنه لم يستطع أن يؤسس حضارة إنسانية ،وقد دلت المواجهات الجارية بين الحق والباطل في أرض الإسراء والمعراج، على أكبر دليل ماثل للعيان للذين يتسلحون بالعلم والإيمان وبالفضيلة والأخلاق العالية الرفيعة وبين المتوحشين الهمج، الذين لا يعرفون للإنسانية ولا للأخلاق معنى ولكل طرف عقيدته ومبادئه وفكره وثقافته التي صنعته وجعلته يتصرف بذلك السلوك الراقي أو الهمجي. وللعلم فإن الصهيونية التي ترتكب المذابح بلا حسيب ولا رقيب هي تفكير غربي خالص، ولذلك وقف الغرب بكل إمكاناته وكل من يحمل ثقافته ورؤيته صفا واحدا مؤيدا لتلك الجرائم الرهيبة ،والغريب أن هناك من ينتظر من الدول الاستعمارية التي تمثل رمز الهيمنة والاستكبار ، أن يكون لها موقف إيجابي من الإنسان وحقوقه ، فما تدعيه من حقوق ما هو إلا كذبة دجن  بها المغفلون وسقطوا في فخها، وقد ظهرت إنسانية الإسلام العظيم في أخلاق المسلمين أثناء الحرب ، وكيف يعامل الأسير بخلاف المتوحشين الهمج الذين لا يعرفون للحضارة معنى ، فالإسلام هو الرسالة الإلهية الوحيدة التي ترتقي بالإنسان إلى عالم الإنسانية الرفيع ، وتجعله يغادر عالم الأشياء والحيوانية. فالواقع الذي تعيشه البشرية من الحروب المدمرة والمظالم المنتشرة، واغتصاب شعوب بأكملها وانتشار الفقر مع تكديس الأموال وشيوع الرذائل ، والتفكك الأسري حتى أصبح الانتحار هو الحل المخلص من عذاب الدنيا ، أما التخلي عن الأطفال أو بيعهم أو الاتجار بالبشر أو القتل على الهوية أو الإبادة الجماعية فحدث ولا حرج، إنها نتائج الفكر المادي الغربي الذي يطبل له الأزلام داخل مجتمعاتنا الذين أصبحوا يساهمون في هدم بناء المجتمع وتخريبه من الداخل .

إن الإسلام جاء لتحرير البشرية من العبودية والرق والظلم والدعوة إلى تحقيق العدل ، مستندا في ذلك على مبدأ الاستقامة والصدق ولذلك طهر المجتمع البشري من الرذائل والخبائث التي تتنافى مع الطبيعة البشرية ومن ثم أنزل الله سبحانه تشريعا يتناسب وطبيعة خلق الإنسان بخلاف المذاهب والأنظمة البشرية القائمة على الظلم والحيف ، ، وتشريع القوانين التي تتناقض مع فطرة الإنسان الأمر الذي نشأ عنه تدمير الحياة البشرية وأصبحت الحياة الإنسانية أقرب إلى عالم البهمية الرهيب الذي لا يعرف الحدود حيث أُطلق العنان للنزوات بلا قيد ولا شرط ،وهذا المجتمع الذي نشأ هو نتاج لما يسمونه حياة ما  بعد الحداثة التي اتخذت شعارا  لها :الثورة على النظافة والطهارة أضف إلى ذلك أن الإسلام هو المؤطر الناظم الذي تنصهر فيه كل فئات المجتمع رغم اختلاف أعراقهم وأجناسهم، فتحت ظلاله تذوب كل الفروق وتبقى آصرة واحدة هي آصرة العقيدة، وهكذا استمر المجتمع الإسلامي وحافظ على وحدته ونظافته إلى أن جاء مجموعة من البؤساء في أخلاقهم وتفكيرهم ونادوا بالدعارة والتفسخ الأخلاقي استجابة لدعوة أسيادهم الذين جعلوا منهم عبيدا وأدوات طيعة لخدمة أهداف الصهيونية ، فهؤلاء يدعون للعودة إلى حياة الهمج والنذالة والسقوط ويريدون أن يعيش المجتمع حياة الجاهلية التي لا ترى في الوجود إلا النزوات والغرائز.

طانطان 24