الشافعي: هل عثرت أمريكا على القن السري لقضية الصحراء بالجزائر؟محمد سالم الشافعي

 


بقلم: محمد سالم الشافعي/كاتب وصحفي

يبدو أن الرحلات التي قامت بها الدبلوماسية الأمريكية "إليزابيث مور أوبين" بين العاصمة الجزائرية، وبعض المانحين بشكل مباشر، تحت يافطة "البعد الإنساني"، بالإضافة إلى اللقاءات التي عقدتها مع بعض من قيادات جبهة البوليساريو، في شخص ما يسمى بوالية مخيم السمارة بلحمادة، حسب ما وُثِّقَ له بواسطة صورة تم التقاطها خلال اللقاء.

الديبلوماسية الأمريكية، التي التقت خلال هذه الرحلات  مع مسؤولين جزائريين رفيعي المستوى كقائد الأركان "سعيد شنقريحة" والأمين العام لوزارة الدفاع الوطني وضباط ألوية وعمداء بوزارة الدفاع الوطني وأركان الجيش الوطني الشعبي، حسب وكالة الأنباء الجزائرية، ناهيك عن لقائها مع رئيس الجمهورية "تبون"، هذه اللقاءات والإجتماعات، التي من المرجح أن يكون للمبعوث الخاص للأمم المتحدة "ديمستورا" كان قد مهد لها خلال زياراته المكوكية التي قام بها للجزائر والمغرب وموريتانيا وتندوف والعيون، هذا تم أكيده في التقرير الذي عرضه على مجلس الأمن، والذي تضمن لقاءه مع جميع الأطراف، التي استمع لآرائهم حول الحل السياسي، بما فيهم جبهة البوليساريو وأعيان قبائل الصحراء بالأقاليم الجنوبية الذين يؤيدون الحكم الذاتي.

كما يؤكد محللون، ومتتبعون لقضية الصحراء، أن من بين أهم المهام التي جاء من أجلها الدبلوماسي "جوشيا هاريس" إلى الجزائر، حسب ما أكدته السفارة الأمريكية في موقعها الالكتروني، هو مناقشته لملف الصحراء والحلول السياسية الواقعية، ناهيك عن اهتمام أمريكا بإيجاد حل للمشكلة، الأمر الذي أصبح متزايد بشكل كبير، مما يدل على أن هذا البلد جاد في حسم الموضوع، حسب ذات المصادر، نظرا للأوضاع الجيوسياسية التي أصبحت تطوق الوضع الدولي، منها ما يجري بأوكرانيا والحرب على غزة التي تشير إلى احتمالية توسع رقعت الحرب وتمددها إلى أطراف إقليمية ودولية في حالة عدم فرملتها.

الجانب الآخر بخصوص قضية الصحراء، هو في حالة دخول الجزائر إلى بيت الطاعة الأمريكية، الأمر سيوفر مناخت يسمح بتجاوز عقبة التعنت الجزائري، بالنسبة لملف الصحراء، كما سيمنح للجزائر انفتاحا اقتصاديا، كما سيمكنها من رفع شعار "سباق التسلح" وذلك بفضل شراء الأسلحة من الجانب الأمريكي في حالة ولجت إلى البيت الأمريكي، هذا الوضع الذي يمكن أن يغديه الفتور الذي أصاب علاقة الجزائر مع روسيا لأسباب غير معلنة، مما سيمكن أمريكا ربما من الحصول على القن السري لفك شفرة القضية الصحراء الذي يوجد عند الجزائر، مما سيفتح معه الباب أمام الحديث عن مقاربة حل ملف الصحراء، وهي مقاربة الحكم الذاتي، الأمر تأكد من طرف "جوشيا هاريس" بدون أي لبس في مقابلته الصحفية التي قال فيها: "إن الولايات الأمريكية المتحدة تعتبر أن مقترح الحكم الذاتي المغربي مقترح جاد وواقعي وذو مصداقية ويمثل مقاربة محتملة يمكنها أن تستجيب لتطلعات الشعب الصحراوي".

إلا أن بعض وسائل الإعلام الجزائرية قامت بتحوير الحديث لتضليل الجزائريين والصحراويين، حين قالت: بأن المسؤول الأمريكي دعم المقاربة الجزائرية الداعية إلى تطبيق تقرير المصير الأممي.

وفي هذا السياق فسر محللون، بأن ما ورد في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الصادر في أكتوبر الماضي، بخصوص مبدأ تقرير المصير والدفاع عن المقاربة المغربية، كانت الغاية منه من ورائه دبلوماسيا بالنسبة للجانب الأمريكي، هو التمهيد من أجل التأكيد على أن خيار الحكم الذاتي، أمر واقعي، وهذا الأمر تم تداوله من طرف "ديميستروا" مع جبهة البوليساريو.

وحسب بعض المهتمين بقضية الصحراء، فإن ما جاء في التقرير الأممي وما تبعه من تحركات دبلوماسية من الجانب الأمريكي الذي له تأثير كبير داخل أروقة الأمم المتحدة في موضوع قضية الصحراء، أمر يحيل بأن هناك تحول كبير سيحصل في ملف قضية الصحراء، الذي شكل محور رئيسي عند الإرادة الأمريكية في الفترة الأخيرة.

هذا التوجه الأمريكي الذي قال عنه بعض المحللين، بأنه يدخل في إطار العلاقة التي تربط المغرب بأمريكا بإعتباره "المغرب" حلقة مهمة في المحور الغربي، وشمال أفريقيا.

لهذا اختارت أمريكا الوضع الدولي الذي أفرزته عدة أسباب ليست في صالح الجزائري منها الإخفاق في عدم إلتحاقها بمجموعة "بالبريكس"، والفتور الذي أصاب علاقتها بروسيا وعدم نجاح التنين الصيني ولوج إلى الجزائر من أجل الإستثمار نتيجة (سلطة الجنرالات ).

وعلى ضوء هذه الأحداث ودخول أمريكا بشكل قوي على خط ملف الصحراء يقول أحد العارفين، بأن طرح المغرب الذي ترى من خلاله أمريكا أمر واقعي، يوحي بأن القضية تتجه إلى حلحلة في حالة ما إذا قامت أمريكا بتقديم إغراءات إلى الجانب الجزائري.


طانطان 24