بوية: سبح مهاجرة

 


بقلم: ماءالعينين بوية

شباب يتطلع إلى الضفة الأخرى، اضطره البحث عن عيش أفضل للتجمع بمدينة على الساحل الأطلسي.

 بمعدل نسبي، قد يتجاوز تعدادهم الخمسة في المئة من سكان المدينة، بل قد يصلون العشرة في المئة، بشكل آخر هم تخطوا حاجز الخمسة آلاف مواطن من الشباب اليافعين و قليل منهم أطفال و رضع.

مغلب هؤلاء استوطنوا هوامش المدينة، وبعضهم تراه في الوسط، بعد العصر نظرة في ملاعب على قارعة الطريق الجنوبي أو على ضفة وادي بن خليل، تقدم للناظر  مدى كثافتهم و اندماجهم و تأقلمهم مع وضع مؤقت بالنسبة لهم.

مسجد صغير في الضاحية، هالني منظرهم وهم يصطفون لصلاة المغرب، كما هالني تواجدهم في مسجد على كدية.

ما  يلفت الانتباه حمل الشباب لسبح تختلف من حيث الطول وحجم الحبات، يغتنم من خلالها هؤلاء الشباب وقت ما قبل دخول الإمام و حتى زمن الخطبة للتسبيح و التهليل، فكان بحق منظر جديد على مساجد المدينة.


في صلاة العيد، ظهرت نسوة بملابس خضراء و بزينة لافتة، منظر غريب، في صلاة تلزمها الحشمة و التعفف، مشهد يذكر ببعض صور الاحتفالات الطرقية في جنوب موريتاتيا أو السنغال، والتي تبثها قنوات تلفزية...

سألت مرة رجلا منهم استوقفني ذات مرة، حول طريقته، خلته تيجانيا، فاستغرب للسؤال و معرفتي بالطريقة، ثم قال أنه من أتباع بمبا، وهلل حين نطقت كلمة " توبا"....

الرجل من أتباع الطريقة المريدية، التي تأسست نهايات القرن التاسع عشر، على يد الشيخ أحمد بمب، وامتدت لتصبح من أقوى الطرق الصوفية بجنوب نهر السنغا.

لها اليد الطولى في الاقتصاد و السياسة، الشيخ " بمب"  أراد أن يؤسس لطريقة تزاوج بين التعبد و العمل، فحث مريديه و نظمهم على شكل تعاونيات تفلح و تزرع، بنى عاصمته طوبا، وانطلقت بعده الطريقة لتكون ذات مشاريع تجارية  كبرى، ومداخيل يقدمها الأتباع و المريدون.

بعد الاستقلال و إلى اليوم، تظل الطريقة حاضرة و مؤثرة في المشهد السياسي،خاصة في  الانتخابات الرئاسية، التي غالبا ما يبحث المترشحون عن دعم مشايخ طوبا، وهذا ما تؤكده علاقة الرئيسيين  واد و سال بالطريقة المريدية و اهتمامهم بها لكسب حاضنة انتخابية تفوق قوتها قوة الأحزاب و الكيانات المدنية. 

إلى جانب المريدية، تتنوع الطرق الصوفية في السنغال بين التيجانية و القادرية السعدية و طرق أخرى. ليكون المجتمع السنغالي مجتمعا طرقيا بالأساس.

تقدم كثير من المقالات و الدراسات سطوة التصوف الطرقي على مجتمعات غرب افريقيا، ليحدد البعض مئة مليون مريد تتوزع بين الطرق السالفة الذكر و أخرى يتفاوت تمركزها من طريقة إلى أخرى.

هذه الغلبة، تختلف مع انحسار للطرق الصوفية و أتباعها في مدن و مناطق مغربية كثيرة، ليمتزج هذا التقهقر و هذه الغلبة و يجتمعان في طانطان، فيرقب الصغار و الكبار مشاهد لم يألفوها، لسبحات تغزو المساجد، ولثقافات و عادات و طقوس تعبدية لم يألفوها.

طانطان 24