عمر هلال: مغربية الصحراء غير قابلة للتفاوض والحكم الذاتي بوصلة الحل السياسي



قال الممثل الدائم للملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، إن عمله في الأمم المتحدة ليس مجرد وظيفة إنه شرف خدمة الملك، وفخر بتمثيل المغرب، وتعزيز النفوذ الدبلوماسي والثقافي والحضاري للمملكة، وشغف الدفاع عن مصالحها ومواقفها من مختلف القضايا المدرجة على جدول أعمال مجلس الأمن والجمعية العامة ولجانها.

الصحراء المغربية أولوية والمغرب مصدر ثقة 

وأشار الديبلوماسي المغربي في حوار مطول مع صحيفة “جون أفريك” الفرنسية إن مسألة الصحراء المغربية هي على رأس أولوياته. وهذا لا يعني أن الدبلوماسية المغربية “أحادية”، بل على العكس من ذلك ، يولي المغرب أهمية كبيرة لمختلف القضايا المتعلقة بالركائز الثلاث للأمم المتحدة، وهي السلم والأمن الدوليين وحقوق الإنسان والتنمية، وفق تعبيره.

وأضاف هلال أنه “تماشيا مع رؤية الملك محمد السادس فإننا نطبق دبلوماسية نشطة ومقنعة واستباقية تعزز التوافق وتبني الجسور بين المواقف المختلفة. وهذا يشمل، من بين أمور أخرى، تقديم مساهمتنا في مجالات التنمية، والتعاون بين بلدان الجنوب، والقضايا البيئية، وحقوق الإنسان، والتسوية السلمية للنزاعات، وعمليات حفظ السلام، وكذلك مكافحة خطاب الكراهية والإرهاب والتطرف العنيف،…”.

في هذا السياق، يضيف هلال، يُدعى المغرب بانتظام للعب دور بناء الجسور داخل الأمم المتحدة، مما يسمح له بالاستفادة من ثقة العديد من البلدان ويضعه كفاعل طبيعي ومثالي لتسهيل عدد من العمليات. بما في ذلك الدول التي لا تعتبر حليفة تقليدية لها.

وعن علاقاته مع الدبلوماسيين الآخرين داخل الأمم المتحدة ، وخاصة من الدول التي توترت علاقاتها مع المملكة مثل جنوب أفريقيا أو الجزائر، قال عمر هلال إن الأمم المتحدة هي مساحة متعددة الأطراف حيث العلاقات الشخصية والمهنية مهمة. ويشارك دبلوماسيون مغاربة في كافة اللقاءات، يتعاونون مع جميع زملائهم، دون استثناء، بما في ذلك جنوب إفريقيا، بطريقة بناءة وفي جو صحي وهادئ وودائمًا باحترام ومهنية.

وقال: “يشهد كل أعضاء الأمم المتحدة بشكل يومي على أن المغرب لم يكن أبدًا مصدر توتر في المناقشات داخل المنظمة. ومع ذلك، فإنها تتفاعل بقوة وحزم كلما حاولت الجزائر ان تمس قضيتها الوطنية”، وفق تعبيره.

ترحيب وإصرار على مغربية الصحراء

وبخصوص السفير الجزائري الجديد داخل الأمم المتحدة، قال هلال إنه يرحب به ترحيبا حارا واخويا، مشيرا إلى أنه “إذا اختار التعاون والاحترام للمغرب، فسأفعل الشيء نفسه، إن لم يكن أكثر، وإذا اختار الاستفزاز، فسأعارضه بهدوء وحزم”، وفق تعبيره.

وقال إنه بالرغم من كل ما يحدث، فما زلت متفائلا بإمكانيات التعاون الكبيرة بين المغرب والجزائر وتأثير ذلك الإيجابي في جميع المجالات، على مستوى إحياء المغرب الكبير، وعلى مستوى التنمية، وعلى مستوى استقرار قارتنا الأفريقية وعلاقاتنا مع الجوار الأوروبي وفي مفاوضات القضايا العالمية في الأمم المتحدة.

وفي رده على خطوات المملكة التي ستتخذها للتغلب على الصراع المفتعل حول مغربية الصحراء، أكد هلال على أنه لا يوجد نزاع حول مغربية الصحراء، مستشهدا بما قاله الملك محمد السادس، عندما أشار إلى أن “مغربية الصحراء لن تكون على جدول أعمال أي مفاوضات”.

وأضاف المتحدث أن انخراط المغرب في العملية السياسية تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة، لا يعني التفاوض على مغربية صحرائه، ولكن للوصول إلى تسوية سياسية لهذا النزاع الإقليمي المصطنع الذي أنشأته الجزائر واحتفظت به لأسباب جيوسياسية تعود إلى عصر الحرب الباردة، وفق تعبيره.

وأشار الديبلوماسي المغربي: “يجب أن تعرف الجزائر أن مغربية الصحراء أمر غير قابل للتفاوض، ويجب أن تواجه الحقائق وتعترف بأن مشروعها “البوليساري” هو إخفاق جيوسياسي، وأنه يمثل عبئًا ماليًا واجتماعيًا واقتصاديًا، ويؤدي إلى العزلة الدبلوماسية.

وفيما يتعلق بالخطوة الموالية بعد اعتراف العديد من الدول بمغربية الصحراء وبالمبادرة المغربية المتمثلة في الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، يضيف هلال، فإن كل الآمال ملقاة على جهود ولباقة الأمم المتحدة للمبعوث الشخصي للأمين العام للصحراء، ستافان دي ميستورا، لتنظيم المائدة المستديرة الثالثة بنفس الشكل وبنفس المشاركين. الجزائر أولا ، وفقا لقرارات مجلس الأمن الأخيرة، بما في ذلك 2654 في أكتوبر 2022.

وعن الدور الذي يمكن أن تلعبه الأمم المتحدة في الصحراء المغربية، لفت هلال إلى أن الأمم المتحدة تتحمل المسؤولية الحصرية عن تسهيل التوصل إلى حل سياسي من أجل وضع نهاية نهائية لهذا النزاع الإقليمي.

وزاد أنه لهذا السبب يلتزم المغرب التزاما راسخا بالعملية السياسية، ويدعم جهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي، ستافان دي ميستورا، لإعادة إطلاق عملية المائدة المستديرة التي تهدف إلى التوصل إلى حل واقعي ودائم والذي لن يكون إلا الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب وفي إطار احترام سلامته الإقليمية.

وشدد المتحدث على أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي هي البوصلة الوحيدة للحل السياسي الذي أوصى به مجلس الأمن ووفق المعايير التي أرستها قراراته المتعاقبة.

وقال عمر هلال تعليقا على احتفال عصابة البوليساريو بـمرور 50 سنة على تأسيسها إن “الاحتفال” بإنشاء هذه المجموعة الانفصالية المسلحة يعد إهانة لمعاناة السكان الصحراويين في مخيمات تندوف. وقال إنه احتفال بمرور خمسين عامًا من الخداع وعزل السكان في مخيمات تندوف وتحويل المساعدات الإنسانية. وبخمسين عاما من التواطؤ مع الجزائر في تنفيذ أجندتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

وذكر الديبلوماسي ذاته بأن المغرب وضع قضية الصحراء على جدول أعمال لجنة إنهاء الاستعمار عام 1963 للمطالبة بتحريرها من الاحتلال الإسباني وإعادة دمجها في الوطن الأم، المغرب. قبل عشر سنوات من إنشاء العصابة من الجزائر، بدعم مالي وعسكري من القذافي الليبي.

حتى بعد إنشائها، لم تعتبر الجزائر أنه من المفيد الرجوع إليها، يضيف هلال، إذ في رسالته المؤرخة 19 نونبر 1974، حدد الممثل الدائم للجزائر في نيويورك أنه “باستثناء إسبانيا، بصفتها الدولة القائمة بالإدارة، فإن الأطراف المعنية والمهتمة بقضية الصحراء هي الجزائر والمغرب وموريتانيا”، متجاهلا بذلك مولودها الجديد “البوليساريو”.

الجزائر مصدر معاناة الصحراويين بتندوف

وحمل هلال ضمن حواره دولة الجزائر مسؤولية معاناة ما يعيشه الصحراويون في مخيمات تندوف، مؤكدا على أنها هي التي رفضت قرارات مجلس الأمن الأخيرة التي تدعو إلى استئناف العملية السياسية ورفضت العودة إلى الموائد المستديرة كما طالب بذلك مجلس الأمن.

وقال إن الصحراويين يعيشون حصارا جزائريا، أما بالنسبة للأقاليم الجنوبية داخل المملكة في تعرف انفتاحا سياسيا وديناميكية اجتماعية واقتصادية بفضل نموذج التنمية الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي أطلقه الملك محمد السادس في عام 2015.

وأضاف أن المجتمع الدولي لم يهتم بهذا الانسداد الجزائري، إذ يتزايد الاعتراف بمغربية الصحراء كل يوم، مع افتتاح 28 قنصلية عامة في الصحراء المغربية وتضاعف عبارات التأييد لمبادرة الحكم الذاتي المغربية من قبل مائة دولة، بما في ذلك خمس عشرة دولة أوروبية وعضوان دائمان في مجلس الأمن.

وعن الوضع داخل جبهة البوليساريو، قال هلال إن الجبهة تعيش شذوذا بعد ان غادرها مؤسسيها التاريخيين في اتجاه البلد الأم المغرب، أو في اتجاه أوروبا الذين يدعون في إطار حركات مناهضة للبوليساريو إلى إنهاء السيطرة الجزائرية على هياكل “البوليساريو” والبحث عن حل سياسي مع المغرب، لا سيما دعم الحكم الذاتي.

في هذا السياق، يؤكد هلال، عرفت معسكرات تندوف منذ المؤتمر الأخير لهذه المجموعة الانفصالية المسلحة غليانًا غير مسبوق لم تنجح المخابرات الجزائرية في صده. 

0/Post a Comment/Comments