الذاكرة الرياضية للطنطان تسلط الضوء على حارس النهضة مصطفى البصير لاجودان

 


بقلم: سيداحمد مسعود 

 في عالم الكرة وعبر تاريخها الطويل قد يكون حارس المرمى نصف الفريق ، اذ لم يكتفي بالذود عن مرماه،  بل قد تبدا الهجمات عنده ، وقد يكون حاسما في توجيه اللاعبين واذكاء حماسهم لتحقيق الفوز.

مصطفى البصير او لاجودان كما يلقب احد هؤلاء الحراس الذين اتقنوا هذا الدور على احسن وجه وعلى افضل مستوى من الشجاعة والمهارة.  لهذا الحارس الذي تالق رفقة فريق النهضة الصحراوية في سبعينيات القرن الماضي قصة طويلة تستحق النبش لتحكى كجزء من ذاكرة كرة القدم.

ازداد مصطفى البصير عام 1942 بمدينة الرباط، كان مولعا منذ الصغر بكرة القدم،  ولعبها بالأحياء الشعبية قبل ان ترصده اعين نادي الجيش الملكي . تدرج مع الفريق الذي كان يعد من اقوى الاندية انذاك ، ولعب عام 1958 مع الشبان الى جانب نجوم ذاع صيتهم بعد ذالك من امثال: ادريس باموس- علال بنقصو- عبد الله باخا- مولاي ادريس- زناية- مختطف- الجيلالي فاضيلي وغيرهم.

تالق  الحارس البصير في مباريات الشبان اهله لان يصبح احتياطيا للحارس الرسمي للفريق الجنرال حسني بنسليمان لفترة لم تطل بسبب اختيار المدرب كليزو للحارس الشهير علال بنقصو كحارس ثان لطول قامته مقارنة بالحارس البصير. بيد ان مشواره الكروي لم يكن عن الاهتمام بالتكوين في المجال الرياضي ، اذ التحق بمركز التكوين الرياضي بالرباط ليتخرج استاذا للرياضة بالثانوية العسكرية بالقنيطرة . التحق بعدها بالاكاديمية الملكية العسكرية بمكناس ليصبح مدربا للضباط. واستغل تواجده بهذه المدينة لإجراء تدريبات مع فريق النادي المكناسي ، وسرعان ما انضم للفريق ليدافع عن عرينه عام 1964 التي شهدت انطلاقة حقيقية نحو التألق امام فرق كبيرة. جاور بعدها فريق نجاح مكناس ثم بعده لعب مع فريق اولمبيك مكناس الى غاية1969 

حيث تم تعيينه مدربا للرياضة بمعهد استكمال تكوين اطر وزارة الداخلية . 

في شهر نونبر 1975 كلف بمرافقة المسيرة الخضراء لمدينة الطنطان. وتم الحاقه بمنطقة المسيد لفترة قصيرة وجد بعدها الفرصة لمزاولة التداريب مع فريق النهضة الصحراوية الذي كان يمثل المدينة انذاك في عصبة سوس. كان الفريق في امس الحاجة إلى حارس مرمى كبير يعوض الفراغ الذي تركه كل من الحارس عبد النبي وابراهيم امبارك اوجامع. لم يجد الحارس مصطفى او لاجودان ادنى صعوبة في تاكيد مكانته في الفريق وهو الذي يمتلك خبرة مهمة مع فرق كبيرة ، وهكذا لعب مع الفريق ضمن بطولة العصبة التي كانت تضم فرقا قوية من اكادير وتيزنيت وتارودانت وغيرها وجاور جيلا ضم نجوما كبارا من امثال: اعلي خونا- الحسين بوتسوفرة- احمد الريفي-  مصطفى الخنوشي رحمه الله- يحضيه السكالي( اعويو) رحمه الله-  السعداني( الديزويت) - احمد ايسي- لمين كازيزة( الريميلة) وغيرهم. اربعة مواسم قضاها لاجودان مع فريق النهضة ايام كانت تجري مبارياته في ملعب السلسلة القديم كان خلالها صمام الامان في الأوقات الصعبة حيث امتع الجماهير ببراعته ومهارته العالية في التصدي للكرات والذود عن مرماه مشكلا سدا منيعا امام محاولات اعتى المهاجمين واخطرهم كما كان يحسن الى حد بعيد توجيه المدافعين والرفع من معنويات زملائه. 

ومع تقدمه في السن فضل الحارس لاجودان مصطفى ترك الخشبات الثلاث واعتزال اللعب وخوض تجربة التدريب اعتبارا لتجربته المتميزة في الملاعب . وكان طبيعيا ان يتم اختياره من طرف مكتب النهضة الصحراوية وتكليف بتشكيل فريق قوي كامتداد لجيل السبعينات الرائع.  وبالفعل تم اختيار لاعبين شباب مع الاستعانة بذوي الخبرة من الجيل الذهبي ، وكان تركيز المدرب مصطفى لاجودان بمجرد استلام مهامه على الجانب البدني تم الانضباط والحفاظ على روح العمل الجماعي . اعلي ابوهال صخرة الدفاع كان احد اللاعبين الشباب الذين تم الاعتماد عليهم لتقوية خط الدفاع لازال يتذكر قساوة حصص التدريب انذاك وإصرار المدرب ان تكون مصحوبة بتمارين الجري لمسافات طويلة وحصص قوة التحمل منتصف النهار ، ويعترف بنجاح المدرب في جعل الفريق اكثر جاهزية وحماسا لمواجهة اقوى الفرق. 

في مارس1983 جنى الفريق ثمارهذا العمل الشاق، اذ واجه في يوم  عاصف لاينسى منتخب ليبريا الذي حل بالطنطان لإجراء مباراة ودية غير مسبوقة انتهت بانتصار تاريخي للنهضة بحصة 1/2.

لم يدم مشوار لاجودان مصطفى التدريبي طويلا، اذ قرر التوجه لميدان التحكيم الذي كان شغوفا به منذ شبابه ، ولعب دورا مهما في ادارة العديد من مباريات بطولة الاحياء التي كانت في اوجها حقبة ثمانينيات القرن الماضي وزودت فريق النهضة بنجوم كبار، كما قام بتحكيم مباريات ودية بالمدينة.

مشوار رياضي متميز ذاك الذي بصم عليه هذا الرجل تالق خلاله حارسا لامعا ومدربا كبيرا وحكما ناجحا ، وكان مثالا في  الخلق والعطاء والتضحية ونكران الذات ونسج علاقات طيبة مع الجميع جعلته يحظى بسمعة لائقة كرجل خدم الطنطان بسخاء ولازال مستعدا لتقديم تجربته الطويلة في مجال الكرة بالطنطان حتى تستعيد مجدها وتاريخها المشرق.







طانطان 24