الذاكرة الرياضية للطنطان : حي تيكريا نموذجا



 بقلم: سيد أحمد مسعود

الذاكرة الرياضية للطنطان ( 56) :

عاش حي تيكريا ردحا من الزمن على ايقاع التهميش والاقصاء من كل برامج التنمية محليا رغم انه ضم منذ بداية سبعينيات القرن الماضي عائلات جاءت من البوادي المجاورة للمدينه لتشكل مجتمعا متماسكا  ومنسجما جبل اهله على الكرم والنخوة ومكارم الاخلاق. 

لم يكن الجيل الاول من شباب الحي على رضا تام بما يقع ، فقد عبروا بطريقتهم العفوية من خلال ممارسة الرياضة وخاصة كرة القدم التي كان حبها يسري في دماءهم كما هو شان ابناء الاحياء الاخرى من المدينة. 

ذات يوم من سنة 1978 قرر بعض ابناء الحي خلق فريق يحمل اسم تيكريا كما يظهر في الصورة الاولى نذكر منهم: ابراهيم بوكريمز- محمد الناجم الغويزي- محمد الزيرك- سيدي محمد بازيد- حمادة السكالي- نافع الكرمز- بوعنيس رحمه الله- اسويدي علوات رحمه الله-  يحضيه العمري-اسليم لشكر- ابراهيم بلال وغيرهم.

بدا الفريق في لعب مبارياته بجردة المرحوم القائد عبد الله السنهوري الواقعة شمال الاقامة الملكية والتي تطل على واد بن خليل. كان فضاء رائعا ونموذجيا للعب الكرة واستضافة فرق من احياء اخرى كالسكنى والتعمير والطنطان لحمر والخميس القديم وعين الرحمة وغيرها. كما كان فريق تيكريا ينتقل خارج الديار للعب مع هذه الفرق لاكتساب الخبرة والتجربة وبناء فريق قوي. 

نظم الفريق مطلع ثمانينيات القرن الماضي بعض الدوريات بمشاركة فرق الاحياء ، وكانت المباريات فرصة لتقديم فرجة حقيقية في أجواء من التنافس والحماس فضلا عن اكتشاف المواهب وتالق العديد من لاعبي الفريق رغم قلة الامكانيات ونقص الخبرة الكافية.

يسترجع حسن الشباني ( الصورة الثانية)  احد نجوم الفريق الذي تالق في صفوف النهضة الصحراوية لاعبا ومسيرا شريط ذكريات ايامه الاولى عندما حل رفقة الاسرة قادما من اكادير سنة1979 ، ولم ينسى تلك الاجواء العائلية التي ميزت ابناء وساكنة حي تيكريا حيث استقر باحد المنازل التابعة لادارة الفلاحة بالحي.

لم يجد ادنى صعوبة في الاندماج مع رفاقه وساهم بفعالية في تنظيم صفوف الفريق وانخراطه في بعض الانشطة التي كانت يشهدها مقر دار الشباب الطنطان لحمر. كان والده محمد الشباني بن بوجمعة رياضيا وبطلا سابقا في الملاكمة ، ومارس التدريب بمدينة القنيطرة ، وقد استغل خبرته من اجل تعليم ابناء هذا الحي المبادءى الاولى لهذه الرياضة بتدريبات مكثفة للصغار  والكبار وسط حماس واقبال من الجميع رغم قلة الامكانيات . وكانت تجرى مباريات الملاكمة بمقر دار الشباب وخلال بعض المناسبات والحفلات الوطنية. لم يكتب لهذه التجربة الرائدة  الاستمرار فقد توفي المدرب محمد الشباني رفقة ابنه عبد الحق سنة1981 وترك رحيله حزنا عميقا لذى الساكنة عموما وابناء حي تيكريا خاصة الذين لايزالون يتذكرون افضاله عليهم.

وعند الحديث عن اسهامات فريق حي تيكريا ودوره في المشهد الكروي بالمدينة ، لابد من ذكر نجم لمع اسمه عاليا ويتعلق الامر بحمادة السكالي ( الصورة الثالثة) احد ابرز نجوم خط وسط / ارتكاز الذين تالقوا في تلك الفترة ، اذ انتقل لفريق النجم الاحمر ثم جاور فريق الصداقة لسنوات ، وساهم تالقه في اكتساب رسميته مع فريق النهضة الصحراوية الذي كان ينشط ضمن عصبة سوس . لاعب خلوق يميل كثيرا إلى الصمت محبوب من طرف الجميع لتواضعه وغيرته على الفريق. 

تاثرت الممارسة الكروية بانتقال العديد من اللاعبين لظروف الدراسة والعمل ( الصورة الرابعة) ،وهجرة العديد من الاسر مطلع تسعينيات القرن الماضي للعيون ومداشر اخرى . لكن رغم كل هذا كانت هناك استمرارية للأجيال لاحقة حملت مشعل الوفاء لفريق الحي بروح وعزيمة لا تلين. 

لم يكن هدف ابناء حي تيكريا لعب الكرة او ممارسة الرياضة هكذا اعتباطا، بل تعدى ذلك الى نسج علاقات انسانية واجتماعية وثيقة الى يومنا هذا بدليل تاسيسهم لجمعية تيكريا زمان منذ سنوات قليلة قصد ربط اواصر المحبة وصلة الرحم والتواصل والقيام بمبادرات اجتماعية وانسانيةورياضية تعود بالنفس على الساكنة . احدى هذه المبادرات الخلاقة كانت يوم 27 فبراير 2021 حين تم تنظيم مباراة تكريمية ودية استضاف خلالها فريق تيكريا زمان فريق خيمة قدماء عين الرحمة بملعب جردة المرحوم السنهوري( الصورتين الخامسة والسادسة) اعقبتها مباراة العودة بملعب القرب الديابلو  وكانت لحظات تاريخية  بكل المقاييس حيث اجتمعت وجوه من ابناء الطنطان للتواصل واللقاء . وكان لافتا حضور وازن للاطفال في رسالة واضحة لرغبة الجميع  لاستشراف المستقبل وربط الماضي بالحاضر لما فيه مصلحة الطنطان التي تجمعنا.








طانطان 24