بوجمع بوتوميت : وفاة بلفقيه قراءة في الفرضيات والاحتمالات الواردة

 



   استفاق الرأي العام المحلي بجهة كلميم وادنون ومعه الرأي العام الوطني اليوم الثلاثاء 21 شتنبر2021 على خبر مفاجئ  تمثل  في وفاة أحد أهم وأبرز وجوه المشهد السياسي بجهة كلميم وادنون السيد عبد الوهاب بلفقيه رحمه الله ورزق أهله وذويه ومعارفه الصبر والسلوان، جاء خبر الوفاة قتلا بالرصاص بمنزله الكائن بايت عبللا على بعد 35 كلم من مدينة كلميم  قبيل ساعات قليلة من تشكيل مجلس الجهة، الذي كان الصراع حول رئاسته محتدما بين كل من السيدة مباركة بوعيدة والسيد محمد ابو درار الذي المسنود سياسيا بأغلبية فريق بلفقيه بعد اعلان هذا الأخير اعتزاله العمل السياسي بعد سحب حزب الاصالة والمعاصرة ترشيحه لرئاسة الجهة لأسباب غامضة، خبر الوفاة المفاجئ الذي انتشر بشكل واسع حرك فضول  العديد من الاقلام بمواقع التواصل الاجتماعي وبعض الجرائد الوطنية لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء عملية القتل ، الى درجة ان بعضها  كموقع شوف تيفي انتقل من مجرد نقله للخبر وترك حرية التعليق للمتابعين  إلى الحسم  في كون الضحية مات منتحرا بطلقة نارعلى بطنه من بندقية الصيد التي يمتلكها دون الاعتماد على أي مصدر موثوق يؤكد  ذلك او ينفيه ، في استباق فج لنتائج البحث التمهيدي الذي تجريه النيابة العامة بكلميم ، في حين رجح آخرون فرضية العدوان المدبر للتخلص من رمز سياسي "مزعج" للكثيرين من خصومه السياسيين قبيل لحظات من تشكيل مجلس الجهة بكلميم ، بينما يرى طرف ثالث امكانية أن تكون لمقتل بلفقيه علاقة بما هو معروض على القضاء من ملفات يتابع فيها بلفقيه  بتهم ثقيلة في ملفات حساسة قد تكون لها علاقة بشخصيات اعتبارية نافذة على الصعيد المركزي، والتي كان متوقعا ان يمثل  في أحدها اليوم الاربعاء  بمحكمة الاستئناف بالرباط.

من المعلوم في اساسيات  البحث الجنائي أنه لا ينبغي استبعاد اية فرضية من الفرضيات المحتملة  أو الاستهانة بها خاصة في جرائم  القتل  مهما بدت ضعيفة، لأنها وإن لم تكن واردة بقوة إلا أنها من الممكن أن تقود إلى خيط رابط يوجه مسار البحث الجنائي الى الوجهة المطلوبة للوصول الى مرتكب الجريمة، وحسب تتبعنا لهذه القضية،  فإنه يمكننا القول بأن جريمة قتل  شخصية هامة مثل شخصية بلفقيه  لابد وأن  تتناسل حولها التساؤلات المشروعة التي يتداخل فيها السياسي  بالأمني، وحسب اعتقادنا فإنه يمكن اجمال الاحتمالات  الواردة بخصوص حادثة القتل هاته في ثلاث فرضيات نراها مؤسسة لمسارات البحث التمهيدي مع احتمالية ترجيح بعضها عن البعض  الآخر.

ـ الفرضية الأولى: ترجح بعض الاحتمالات أن يكون لحادثة مقتل السيد عبد الوهاب بلفقيه علاقة بالصراع  الانتخابي على  رئاسة مجلس  الجهة فدخل الرصاص في المعادلة  السياسية  لإزاحة الرجل بشكل نهائي من المشهد السياسي، اي انهاؤه بيولوجيا بعد انهائه سياسيا  إلا أن هذا الاحتمال حسب اعتقادنا يظل مستبعدا، خاصة بعد إعلان عبد الوهاب بلفقيه في بلاغه الصادر يوم 15 شتنبر2021   اعتزال  العمل السياسي لاعتبارات سيكشف عنها لاحقا كما جاء في لغة البلاغ، بحيث إنه  أعفى نفسه من المنافسة على رئاسة الجهة بعد ان ترك  من سيقوم نيابة عنه  بممارسة هذا الدور.

ـ الفرضية الثانية : تذهب هذه الفرضية الى  ترجيح احتمال  أن يكون السيد  بلفقيه هو من قام بإطلاق النار على نفسه  بغية  الانتحار ووضع حد لحياته،  تحت تأثير ما تعرض له من ضغوط نفسية  بسبب ما اسماه في بلاغه بالغدر الذي صدر من جهة وضع ثقته فيها ، الا أن هذا الاحتمال وإن كان البحث التمهيدي للنيابة العامة  بكلميم قد ذهب اليه مؤقتا،  واستبقت مواقع صحفية كموقع "شوف تيفي" تحريات النيابة العامة للجزم بصحته كخيار وحيد ، لكنه يبقى احتمالا  نراه  رغم امكانية وروده  الضعيفة غير مؤسس على وقائع  ومعطيات مقنعة للرأي العام الى حد الآن ، وذلك للمعطيات التالية :

 اولا : موقع اطلاق النار على بطن الضحية  يؤكد أنه لو كانت عملية انتحار من شخص يريد أن ينهي حياته بشكل فوري لأطلق النار على رأسه عوض البطن  الذي يمكن معه أن  تفشل محاولة الانتحار فيبقى الإنسان على قيد الحياة .

ثانيا : صعوبة إطلاق عدة طلقات نارية من بندقية صيد  طولها  قد يصل الى متر ونصف على منطقة البطن .

ثالثا : شخصية بلفقيه المعروفة بالقوة والمقاومة والصبر في عدة محطات سابقة ليس من السهل ان تستسلم للانتحار بهذه البساطة .

ـ الفرضية الثالثة : قد يكون لحادثة القتل علاقة بملفات المحاكمات التي يتابع فيها بلفقيه، هذه الملفات التي يعتبر بعضها وازن وحساس، قد يؤدي إلى جر وتوريط  وجوه نافذة مركزيا،  كانت إلى عهد قريب تشكل غطاء واقيا لبلفقيه، الا أنه بعد تجريده من اية مظلة حزبية أو غطاء سياسي، أصبحت هذه الوجوه تخشى على نفسها من الافتضاح، او بالأحرى أصبح وجود بلفقيه وتصريحاته المفاجئة تشكل عبئا ثقيلا وخطرا محتملا بالنسبة لها،  لأنه لن يرضى ولن يقبل  السيد بلفقيه  لنفسه أن يحاكم في صمت، في ملفات ليس وحده من يجب أن يتحمل تبعاتها، خاصة وأن أحد هذه الملفات كان من المتوقع أن يعرض اليوم الأربعاء22 شتنبر 2021 على أنظار محكمة الاستئناف بالرباط ، حسب ما أكده موقع لكم في عدده ليوم أمس الثلاثاء 21 شتنبر2021، لهذا كان من اللازم حسب هذه الفرضية أن يتم انهاء بلفقيه بيولوجيا بعد إعدامه سياسيا .

باستعراضنا  لمختلف هذه الفرضيات الثلاث والتعريج على دفوعاتها يمكننا القول أنه رغم وجوب عدم استبعاد اية فرضية في البحث الجنائي الا انه يمكننا تسجيل الملاحظات التالية : 

ـ تهافت حجج فرضية القتل على خلفية المنافسة الانتخابية لغياب أية معطيات من شأنها ان تجعلها فرضية ممكنة الوقوع 

ـ ضعف حجج فرضية الانتحار رغم امكانية ورودها بنسبة معينة،  خاصة وأن ما تم عرضه من مبررات سواء ببلاغ النيابة العامة أو ببعض المواقع الاعلامية قبلها، من الصعب ان يقنع الرأي العام بصحة هذه الفرضية، وعليه تبقى فرضية القتل على خلفية ملفات قضائية واردة بشكل أقوى لما ذكرناه سابقا من معطيات 

وعلى كل حال، انتظارا لما سيسفر عنه القضاء من معطيات تفصيلية  تحيط بحيثيات الجريمة وتفاصيلها يبقى الزمن وحده كفيل بأن يظهر حقيقة ما وقع ورحم الله الفقيد ورزق اهله وذويه ومعارفه الصبر والسلوان ،وانا لله وانا اليه راجعون .

                                                                                    بقلم: بوجمع بوتوميت                                                                             22/09/2021

0/Post a Comment/Comments