حديث الأربعاء يرفع الحرج في الحديث عن التوحد مع الدكتور الباحث الحافظ حواز

 


ونحن نخلد اليوم العالمي للتوحد الموافق ل2 أبريل من كل سنة، و الذي يعاني منه مجموعة من الأمهات و الآباء في صمت، دون الإحاطة به كما يجب ،أو الإلمام بحيثياته، فالكل يصنفه حسب هواه بين المرض و الاضطراب الحركي أو العقلي، فتاهت الاسر بين التعاريف، وظل مجال تدخل المؤسسات التعليمية ضيقا، لذلك ارتأينا أن نفتح النقاش اليوم في برنامج حديث الأربعاء عن هذه الظاهرة، ولذلك استضفنا الأستاذ الباحث المتخصص في المجال الدكتور الحافظ حواز، حتى نتمكن من فك شفرات التوحد و الوصول على حيثيات الموضوع ولو بشكل بسيط.


الدكتور الحافظ.حواز  بداية نشكرك على قبول دعوتنا في برنامج حديث الأربعاء الذي تقدمه جريدة طانطان 24 الإلكترونية.. 

• إذا كان ممكنا في البداية أن تقدم لنا نبذة عن حياتك و عن كيفية اهتمامك بهذا الموضوع:

 

ج: الاسم الكامل هو الحافظ حواز، من مواليد: 1979 باسا، حاصل على شهادة الباكلوريا تخصص علوم تجريبية، ثم اجازة في علم النفس، وبعدها ماستر في علم النفس الاكلينيكي، وختمت المشوار بدكتوراه في نفس التخصص سنة 2019، وقبل كل دلك اطار تربوي تدرجت في مهام متعددة من التدريس وتقريبا في كل الاسلاك التعليمية إلى الادارة وايضا بشقيها المحلي بالمؤسسة والإقليمي بالمديرية. 

حقيقة اثار انتباهي موضوع التوحد لما فيه من تضارب لازال قائم حيث لم تستقر أي منظومة علمية على اساس يرتبط بسبب النشأة او يكشف الغطاء كاملا عن عوامل التأثير التي قد تكون رافدا يؤدي بالطفل (ة) إلى الوقوع في هذا الاضطراب الصامت كما يوصف عالميا، ثم شدني الفضول العلمي إلى وضع تساؤل حول هذا الإشكال الذي يصنف بالعميق لذى مجتمعات بلغت في نظرنا درجات جد متقدمة ولازالت تعاني مع أساليب التشخيص الحقيقية فكيف سنواجه نحن هذا الوضع ونحن لازلنا نصنف في درجة الدول السائرة في طريق النمو مع مستويات قياسية في الأمية والجهل والوضع الاقتصادي الضعيف، زد على ذلك الامكانات الطبية و التشخيصية الهزيلة. 

 

• أول سؤال سأطرحه عليكم أستاذ و هو ما يطرح عند الجميع، هل التوحد مرض؟ وإن لم يكن كذلك فكيف نصنفه؟

ج: طبعا التصنيف بلغة العلم يرجع بنا الى مرجعيات نظرية مؤطرة؛ حيث نجد DSM4،  و CIM10 (التصنيف العالمي للأمراض النسخة 10)؛ يعطوه تصنيفا شبه موحد؛ كاضطراب عقلي و سلوكي، مدرج ضمن لائحة 80 اضطراب للنمو السيكولوجي، وهو ايضا بهذه الصفة ضمن مجال الاضطرابات الكاسحة للنمو المشار اليها ب TED، وهو تقريبا نفس التصنيف المقدم من طرف DSM4، غير انه يمكن ان نضيف ان النسخة الخامسة من DSM5، قد اضافت الى هذه المعطيات لبنة اخرى في سبيل الوصول الى تحديد دقيق لتشخيص اضطراب التوحد وجعله في اطار موحد لا تتنازعه المرجعيات النظرية و الفكرية؛ حيث اعتبرته "اضطرابا في التواصل الاجتماعي" بمرجع غياب الحركات القسرية مع بقاء الحاجات الموسومة بصفات التوحد. و بالتالي فإن الصفة الحقيقية هي الاضطراب و ليس المرض على اعتبار صفة الجمع الموجودة في المفهوم والتي تحيل على التعدد وهو واقع هذا الكائن المجزئ الى عديد التكوينات بلغة الجشطلت، لذلك من غير المقبول ان نقول بمرض لان المفهوم عينه يعطينا صفة التفرد وهي ما يغيب عند التوحدي، الذي يعتبر ذاته منطلقا وبقية الذوات امتداد لها مع قوة الفعل في الشيء ومنطق التملك و الفعل فيه حسب قوانين التوحدي.


 

• هل تعتقدون أن المجهودات المقدمة على من طرف الدولة عبر المؤسسات العمومية كافية لمساعدة العائلات المعنية التي تعاني مع أبنائها، أم أن هناك اجتهادات بعض الجمعيات فقط؟ 

ج: طبعا لا يمكن ان ننكر ما تحاول الدولة القيام به في هذا الميدان، من حيث التشجيع على التوجه العلمي للبحث في هذا الموضوع، و فتح مجالات للتخصص فيه وفي مجالات اخرى ضمن منظور التربية الخاصة، بالإضافة الى خلق دينامية مجتمعية لإخراج هذا الموضوع من دائرة الظلمة التي يعيشها صاحب الاضطراب الى دائرة الاضواء وفسح المجال للبحث و التمحيص المؤدي الى اعداد خطط واضحة للتدخل و اعادة ادماج المضطربين خصوصا في المجال التربوي المرتبط بالطفولة بغاية تخفيض الكلفة الاجتماعية و النفسية للأفراد و للمجتمع على حد سواء. غير اننا نلاحظ أن ما تم الاشارة إليه لم يرقى الى مستوى تطلعاتنا كمهتمين و باحثين في هذا المجال المعقد والمتداخل، سواء من حيث الشكل بمرجع تدخل العديد من الافراد و المنظمات التي باتت ترقب هذا الملف كوسيلة للوصول الى غايات ضيقة سواء مادية او غيرها، او من خلال تطاول بعض الافراد على هذا المجال دون تكوين ولا معرفة بل ويفتقدون للمفاهيم المناسبة للتعبير عن هذه الحالات، وما يزيد الطينة بلة هو غياب برامج متكاملة تجمع بين اهل الاختصاص و مجال العمل و اسر وذوي الاطفال التوحديين حتى يمكن لهذا الجمع ان يرسم خطط مناسبة للتدخل حسب الحالات التي تختلف بمستوى ودرجة الاضطراب وهو ما يعني اعداد برامج وليس برنامج واحد لأن الاختلاف بين الحالات موجود ووجب تحديده عبر التشخيص الحقيقي المناسب حتى يتسنى للمتدخل العلاجي ان ينفذ برنامجا مناسبا للحالة المدروسة.

 

• بالنسبة لجهة كلميم واد نون كيف يمكنكم تصوير الوضع؟

ج: ان الوضع بجهة كلميم وادنون لا يختلف كثيرا عن نظيره بالمملكة ككل او لنقل العالم الثالث عموما، حيث اننا لازلنا نسجل ضعف في الكشف عن حالات الاضطراب، مع تدني في مستوى التشخيص المرتبط بمشكل الالتقائية التي يعرفها هذا الاضطراب مع عديد الاضطرابات و الأمراض و الإعاقات من قبيل: التأخر العقلي، والصم  والبكم والاعاقات الحركية و غير ذلك، الأمر الذي يفرض على الكل وضع خطط تحسيسية مناسبة لكافة المتدخلين خصوصا ادا علمنا ان التوحدي هو كائن حساس بدرجة كبيرة وله صفة السرعة في الانتقال بين الفتح و الاغلاق السريعين؛ لذلك فنحن كمختصين لم نسجل بعد أي مبادرة قد تشجع على وضع خارطة واضحة اللهم بعض المحاولات التي تقف عند مستوى المحاولة مع التأكيد على مبدا العلمية و الدقة في كل تدخل في هذا المجال بالضبط بالنظر الى خصوصيته الكبيرة و حساسيته المفرطة وارتباطه بفئة لها عديد النواقص في حالة "السواء" فكيف الكلام وهي تعيش وضع اضطراب.

 

• ما هي اقتراحاتكم بخصوص الظاهرة وماهي النصائح التي يمكنكم تقديمها للجمعيات العاملة في الموضوع و كذلك للعائلات؟

ج: طبعا نحن نعتبرها توجيهات أكثر من اقتراحات لأنها تفتح المجال امام الجميع للتنقيح والتصويب، وأجملها في:

1- فتح مجال التكوين في هذا التخصص وغيره من الاضطرابات على المستوى الجهوي و الوطني.
2- اعداد مراكز متخصصة تلبي شروط وطلبات هذه الفئة و المشرفين عليها في نفس الوقت.
3- اعداد مشاريع عمل اكاديمية واقعية تجمع بين نظرة المتخصص و فعل المكون و استيعاب المحيط لنع الاضطراب.
4- خلق جسور للتواصل الفعال مع المحيط التربوي ومؤسسات الرعاية الاجتماعية.
5- إدراج هذا الاضطراب وغيره من الاعاقات الجسدية والعقلية ضمن أجندات وبرامج التدخل السياسية للأحزاب التي تدبر الشأن العام المحلي.
6- فتح قنوات التأطير بعد التحسيس للأطر في سبيل إعداد متدخلين محليين للأسر التي تحتضن حالات للتوحد.
7- اعداد خارطة اجتماعية دقيقة وواضحة للحالات المرصودة بالجهة مع تبسيط التعامل مع الحالات الجديدة.

• ما هو تصوركم لكيفية إدماج التلاميذ المتوحدون داخل منظومة التربية والتكوين في إطار التربية الدامجة؟

ج: لكوني إطارا تربويا لا يمكنني إلا ان أشد وبحرارة على المجهود الذي تبذله وزارة التربية الوطنية في هذا الباب تحت التوجيهات السديدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره وأيده؛ وهو ما أثمر القرار الجريء بخلق وحدة ادارية ضمن منظومة الاكاديميات الجهوية للتربية  والتكوين تعنى بالتربية الدامجة والذي يعد سابقة ادارية في طريق تنظيم وتطوير مجالات التدخل و الارتقاء بالمنظومة التربية مع حفظ حق من حقوق الاطفال في الولوج الى التمدرس وهو ما تضمنه كل المواثيق المؤطرة للمنظومة ككل؛ غير اننا مع الاسف نسجل نوع من عدم الحزم فيما يخص اسناد مهام هذه البنيات الادارية، اذ اصبح يطغى عليها التوجه الاداري اكثر منه التقني والمؤسساتي، بمرجع ان هذه البنية الادارية بالضبط يجب ان تؤطر بشروط خاصة حتى تؤتي اكلها كما سطر لها بداية، فإلى حد الان لم اقف شخصيا على تدخل يتناسب مع فلسفة هذه البنية سواء من حيث الكشف عن برامج العمل الخاصة بها، او من حيث اعداد فرق للعمل، او فتح باب الاشراك و التشارك مع هيئات لها قوة التدخل واليات الدعم و المساعدة من قبيل مختبرات البحث العلمي الجامعية، وفرق البحث المتخصصة، ومنظمات العمل سواء التطوعي الخاصة او تلك التي تشتغل تحت لواء وزارة الصحة او وزارة الاسرة و التضامن و العمل الاجتماعي؛ لذلك والى حدود الان اقتصر عمل من يدبرون هذه البنية على انشطة سطحية مرتبطة بفعل اعلامي محظ يتوقف عند مبادرات منفردة و محكومة بصور وتقارير ورقية لا غير او بإعادة سرد ما تم اعداده سلفا كأوراق تأطيرية لمنهجية الاشتغال التي يجب على من يقف على راس هذه البنيات ان يترجمونها الى افعال اجرائية يمكن تقييمها في مراحل التنزيل مع استخراج اهم البيانات و الارقام الاستدلالية للعمل على اعداد خطط لتقويم و الاصلاح حتى يمكننا ان نحقق الاهداف المسطرة من كل مرحلة للوصول الى الغاية الاولى التي تتلخص في اعادة ادماج هؤلاء الاطفال في محيطهم الاسري و الاجتماعي ككل.


في الختام أشكرك أستاذي على تلبية الدعوة و ألتمس منك كلمةأخيرة :

 

أود شكر موقعكم الإلكتروني على هذه الاستضافة املا أن أكون قد وفقت في تقديم النزر القليل من المعلومات و الافادات التي قد تعود بالنفع على شخصي وعلى رواد متصفحي هذا الموقع؛ والذي اعتبره يسير في اتجاه صحيح بمرجع وقوفه على مواضيع مهمة شائكة قد يؤدي الوقوف عليها إلى نتائج إيجابية على الجميع سواء المعنين بها او على المجتمع ككل، ولعل موضوع التوحد أكثرها أهمية بالنسبة لشخصنا المتواضع، متمنيا أن يثير ما قدمناه شهية الغير لمبادرات أخرى أكثر جرأة وأهمية حتى نعطي لهذا الموضوع ما يستحقه من اهتمام علمي بغرض بلوغ أجوبة عن عديد الأسئلة الملحة التي تم تقديمها او تلك المرسومة في دواخل الوحديين انفسهم.

 

طانطان 24