شركة اومنيوم للصيد في اعالي البحار طانطان بين اليسر والعسر



بقلم : محمد سالم المنصوري
احدثت  في اواسط ثمانينات  القرن الماضي مرسى الطنطان بمباركة الملك الراحل الحسن الثاني كمشروع استثماري ينتشل المدينة من الخراب والانهيار الناتج عن حرب الصحراء، ومحو مخلفات القضية الصحراوية التي كانت المدينة مهدها الاول. حيث تم تأسيس مجموعة من شركات الصيد البحري على رأسها شركة امينيوم للصيد في اعالي البحار،  قصد خلق مناصب شغل واعطاء الاولوية لابناء مدينة الطنطان لكبح البطالة ووقف معانقة مذهب أسلافهم .
بدورها خلقت  شركة امينيوم مجموعة كبيرة من مناصب الشغل، ونجحت في تشغيل عدد كبير من ابناء المدينة حتى اصبحت  اكبر شركة في مرسى الطنطان واكثرها استقطابا للعمالة.
توالت السنين و شركة امينيوم هي فرصة الشباب الطنطاني الوحيدة في الشغل.
تحقق اليسر
كعادة شباب مدينة الطنطان بحكم اني واحد من ابناء المدينة التحقت بشركة امينيوم عقب الاقتناع التام بان شهادتي العليا لن تشغلني وان مصيرها هو حائط غرفة نومي .
اشتغلت كعامل مياوم (dokir) يشتغل 46 يوم في السنة بمعدل 30 درهم في اليوم على الطول السنة،  حيث ان عامل (dokir) مكلف بتفريغ حمولة السفينة السمكية  والتي هي عبارة عن صناديق  وزنها بين  25 و35 kg  المرتبة في حاوية بداخل السفية (العنبر) درجة حرارتها °10- تحت الصفر.
قبلت  بهذا العمل الشاق وعملت بالمثل الصحراوي الشهير لعماش ولا لعمى . حالي كحال غيري من من يشتغل في هذا المجال.
ويبدأ العسر.
لا يخفى على جميع من يشتغل بالشركة انها اصبحت واحدة من عمالقة الفساد، حيث تجسد لي ما قرأته في الكتب الماركسية  معاناة الطبقة العاملة من الطبقة البرجوازية بشكل جلي في هذه الشركة وجشع مسؤوليها على حساب العامل البسيط الذي يمني النفس بدريهمات قليلة، خوفا من  انقطاع ذلك الرزق ينحني رادخا لكل ما يطلب منه،  تجسيدا للمثل العربي الشهير عض يدي ولا تعض رغيفي .
كل ما درسته في مادة الالتزامات والعقود و قانون الشغل بحكم اني حاصل على الاجازة في القانون العام  لا يمت للواقع بصلة. حيث ان جل النصوص القانونية من قانون الشغل هي عبارة عن قوانين نظرية تبقى مسطرة وسارية المفعول في الكتب والكراريس فقط بعيدة كل البعد عن واقع الشركات وتحديدا واقع شركة امينيوم.  بدأ من ساعات العمل مرورا بالسلامة الصحية وقوفا عند عقود الشغل وصولا الى الطرد, القرار الاسهل عند مسؤولي الشركة.
 هنا تطرح مجموعة من التساؤلات السهلة الممتنعة.
كم هي ساعات العمل القانونية و وما جزاء تمديدها ؟
كيف يمكن لعامل ان يشتغل بقطاع معين بدون ابرام عقد يكفل حق كل طرف؟
 من هي الجهة المسؤولة عن مراقبة السلامة الصحية للعمال؟
 ما مصير العامل المطرود و من هي الجهة المسؤولة عن ضمان حقوقه؟
هذه مجموعة من الاسئلة  كنت اظن اني متفوق في الاجابة عنها  اثناء دراستي لمادتي الالتزامات والعقود وقانون الشغل حتى اكتشفت اني لم افقه شيء من ذلك القانون الذي درسته في الكتب القانونية بعد معايشة الواقع المرير.
لكن تبعا للفضول العلمي الذي ترسخ في ذهني عزمت ان اجيب عن هاته الاسئلة بحكم اني حاليا طالب باحث بسلك ماستر القانون العام المعمق .
بعد بحثي في كل القوانين  ذات صلة بالاسئلة السالفة الذكر، اتضح ان كل النصوص القانونية  في مدونة الشغل كفيلة بضمان حقوق العمال، و ان الاشكال ليس في النصوص القانونية بل ان الاشكال في تزيل هاته النصوص  وتطبيقها في ارض الواقع. بحيث ان السلطات المحلية تسهر على تامين المكتسبات الاقتصادية للشركة و تعصف بكل من يمكن له ان يعرقل سيرها ولو عن ظهر حق، اذ تجسد هذا الموقف حين طالب العمال في بداية انتشار وباء كورونا بالاحتياطات اللازمة للوقاية من هذا الوباء الفتاك وهو امر بالغ الاهمية ومطلب مشروع في اطار السلامة الصحية. بهذا المطلب البسيط كاذ ان يعصف ب 85 عامل. 
بعدها بأشهر قليلة تمت تصفية كل من كان وراء المطلب ( 20 عاملا كانت في  الصفوف الامامية) بالطرد التعسفي.  (لعلي بقلمي هذا اكمل 21 عاملا).
اصبح الان مسؤولو الشركة اكثر ضبطا لزمام الامور واكثر سطوا على مكتسبات العامل البسيط و حقوقه المكفولة بقوة القانون (المكتوب ) وبمباركة السلطات المحلية. صناديق اسمك فاخرة ثمن سكوت كل جهة مسؤولة عن ما يقع في هذه الشركة.
  لله ذرك يا الطنطان