الطنطان: معامل تصبير السمك في ” قفص الاتهام” كلثومة ابليح.



بقلم: كلثومة ابليح
كل من زار مدينة طانطان العبور سيكتشف أنفه روائح كريهة بسبب انصهار المخلفات والرواسب السامة التي تلفظها كل الشركات الكائنة شمال المدينة خصوصا معامل تصبير الأسماك ،هذه المخلفات تمر عبر قنوات الصرف الصحي العمومية، قبل أن تصل إلى محطة الضخ الموجودة في الجانب الغربي والجنوب الغربي للمدينة حيث ساكنة النهضة والحي الجديد و كسابة إقليم الطنطان المرابطين قرب
"منطقة لكرارة " ،هؤلاء يعانون الأمرّين إثر الروائح الكريهة الصادرة من مصب قنوات الصرف الصحي التابعة لمعامل تصبير السمك.
فكل مستعمل للسيارة سيضطر الى إغلاق النوافذ بمجرد وصوله لحي النهضة والحي الجديد حين تجاوزت هاته المحطة لمعايير السلامة البيئية أضحت على اعتبار ما وصفه بعض رواد وسائل التواصل الإجتماعي وصمة عار على المدينة حتى بات الجميع يلقبها بمدينة "الخنز".
هذا من جهة ومن جهة أخرى فالشاحنات الناقلة لبقايا الأسماك من جماعة الطنطان نحو معامل دقيق السمك (لكوانو) بالوطية تخلف كل يوم سيولا جارفة من بقايا الزيوت والدهون وتترك استياءً وامتعاضا لدى ساكنة الطنطان،هذه الأخيرة عبّرت عبر مجموعة الصفحات الالكترونية شجبها واستنكارها للروائح النثنة بمخلفاتها الصلبة التي تمر عبر قنوات الصرف الصحي العمومية، وتصريفها بمحطة الضخ الموجودة بمنطقة الكرارة واعتبره الساكنة إنذارا بكارثة بيئية لأن هذه الوحدات الصناعية لا تحترم المعايير البيئية وتوجد خارج رقابة الجهات المختصة وعدم التقيد بالميثاق الوطني للبيئة.
يؤدي تجهيز الأسماك إلى توليد كمية كبيرة من النفايات السائلة التي تحتوي على كميات كبيرة من التلوث البيولوجي،ما حتم على إحدى معامل تصبير السمك بالطنطان تجهيز محطة التصفية ومعالجة صديقة للبيئة ومعدات فعالة لتحويل النفايات السائلة والتخلص من حجمها في مجموعة كبيرة من مراحل الإنتاج،هذه المحطة التي أنجز فيها 60% قبل جائحة كوفيد ،بمشروع كلف مبلغ 10 ملايين درهم ساهمت فيه الدولة ب 60% في المائة.
تعتبر إحدى وحدات تصبير السمك بالطنطان مصدرا لحوالي 1200 عاملة وعامل والموازنة بين الاقتصاد والبيئة يقتضي من الدولة تجهيز منطقة صناعية بقناة صرف صحي خاص بالوحدات خارج المدينة وليس وسط الساكنة، علما أن 40% من الاستثمارات توجّه لأجل البيئة.فالالتزام بالمعايير الدولية في إنتاج وتصبير الأسماك بات ضرورة ملحة في أغلب المدن، على اعتبار أن مجموعة من الدول المستوردة لمنتوج الأسماك المصبرة،كفرنسا وروسيا وأمريكا وغيرها، تؤكد في تعاملاتها التجارية على احترام المعامل للمعايير البيئية، قبل القيام بإجراءات التعاقد وتوقيع الاتفاقيات مع الشركات المعنية.
إن العديد من المستثمرين يفكرون في الاستثمار بالطنطان،لكن العراقيل الموجودة في وحدتي تصبير السمك بالطنطان كعدم استفادتهم من كوطة البحر والسردين من ميناء الطنطان وتعاملهم في العشر سنوات الأخيرة مع ميناءي الداخلة والعيون وارتفاع كلفة النقل ما لا يشجع الاستثمار الخارجي.
 وهذا يحيلنا لطرح تساؤل جاد: لم لا يوجد تحفيز أو دعم من السلطات المحلية بالطنطان مع العلم أن المدينة تحتاج جدا لمثل هذه المشاريع،لاعتبارات المساهمة في الاقتصاد المحلي وامتصاص منسوب بطالة العديدين من الساكنة؟
طانطان 24