قرار فتح الحدود: جمعية جالية العبور بالعالم تستنكر مثل هذه القرارات العشوائية و تطالب بمراجعتها عاجلاً



    

بعد إنتظار طويل من طرف الجالية المقيمة بالخارج، أعلنت الحكومة المغربية أمس الاربعاء 08/07/2020 عن فتح حدودها الجوية و البحرية أمام هذه الفئة إبتداء من منتصف ليلة 14/07/2020.
خبرٌ إعتبره البعض ساراً خصوصا أنه يصادف فترة العطلة الصيفية و عيد الأضحى المبارك، لكني حين إطلعتُ على الشروط المصاحبة للقرار، و حسب وجهة نظري، إعتبرتها شروطا تعجيزيةً. و لعل أهمها ضرورة الحصول على تحليلتين طبيتين مدة صلاحيتهما  لا تتعدى 48 ساعة، تثبت الاولى عدم حمل الفيروس و الثانية حول تواجد الاجسام المضادة في الجسم، و التي تثبت إن كان الشخص قد أصيب بالفيروس من قبل. 
أتفق من جهة أنه إجراء وقائي، و متأكد أن المواطنين داخل البلاد سيؤيِّدونه خوفا من تزايد الحالات، لكن البعض ممن يهمهم الأمر، و أنا منهم، سيرونه قراراً تعجيزياً لأسبابٍ أذكر منها :
1- قبل كل شيء، نحن نخشى على أحبتنا و أهالينا من هذا الوباء أكثر من الحكومة، و هذا أمر طبيعي، و حتى إن لم يُفرض هذا الإجراء، فنحن كجالية، و من تلقاء أنفسنا ،أغلبنا سيُخْضِع نفسه للحجر في بيته لأسبوعين دون الإختلاط بعائلته، رغم أن أغلبيتنا تتمتع و لله الحمد بصحة جيدة، لكن إحتمال الإصابة خلال السفر يبقى أمراً و ارداً، خصوصاً أن الأعراض لا تظهر إلا بعد مدةٍ.

2- الحصول على نتيجة التحاليل السلبية من فيروس كرونا بدولة أروبية لا يتم بهذه السهولة حين تنوي القيام بها بمحض إرادتك، فالأمر يحتاج إلى طلب موعد و إنتظاره و إنتظار النتائج، ناهيك عن الثمن المرتفع  لإجرائها. مما يجعل المهاجر أمام خيارين أحلاهما مر، الخيار الأول هو الحصول على نتائج التحاليل ثم حجز تذكرة السفر قبل إنتهاء مدة صلاحية الشهادة الطبية المحددة في 48 ساعة، و غالبا تنفذ التذاكر قبل أيامٍ من موعد السفر، و حتى إن وُجدت فستكون بأثمانٍ خياليةٍ.
الخيار الثاني أن يحصل المهاجر على تذكرة السفر أولا، ثم الشروع في إجراءات التحاليل، و قد يحصل عليها قبل أيامٍ من تاريخ إقلاع الرحلة، و بالتالي تعتبر مُنتهيةَ الصلاحيةِ أو قد يحلُّ موعد السفر قبل الحصول على النتائج.
3- إعتماد إصطحاب التحاليل للولوج إلى أرض الوطن قد يرفع من تكلفتها المادية بناءً على الزيادة في الطلب.(حاليا تتراوح تكلفة التحليلتين ما بين €200 و €280 حسب إختلاف و أماكن تواجد المصحات الخاصة).

4- لم تتم مراعاة الحالة المادية و الإجتماعية لأفراد الجالية، فالأغلبية فقدت عملها بسب جائحة كرونا، و البعض، إسبانيا مثلا،  تم توجيههم إلى صندوق الضمان الإجتماعي ليتقاضوا نسبة لا تتجاوز كحد أقصى %70 من راتبهم الأصلي ( مع مراعاة تعدد افراد الاسرة الواحدة), دون أن ننسى من ليس لهم الحق في التسجيل في هذا الصندوق لعدم توفرهم على شهادة عمل حينها، ناهيك عن من لديهم ديون بالبلد الأم يسددونها على شكل دفعات شهرية عن طريق حوالات أو تحويلات بنكية، و دون الحديث عن من يُعيلونَ عائلاتهم هناك و بعض العائلات المحتاجة مخففين بذلك على الحكومة عدد المطالبين بالإستفادة من الدعم.
5- الترخيص للعبور البحري و إقتصاره على مرفئين في اروبا : "السات" بفرنسا و "جينوة" بإيطاليا، و إستثناء أهم ميناء الذي يعرف عبور أزيد من 3 ملايين مهاجر كل سنة و هو ميناء الجزيرة الخضراء و الذي يشهد حالياً إحتجاجات كبيرة من طرف الجالية الإسبانية و من دولٍ أخرى كانت تستعد لدخول البلاد، هذا علما أن الحكومة الإسبانية قد صرحت سابقا  بفتحه، ليتم التراجع عن هذا القرار بعد نفاذ صبرها من إنتظار الرد المغربي.
قرار سماح العبور من هذين المعبرين قد يكون في صالح المقيمين بفرنسا و إيطاليا، لكن ماذا عن الدول الأخرى؟ و كيف يمكنهم الحصول على التحاليل؟ إذا قاموا بها في بلد إقامتهم قد تنتهي صلاحيتها قبل موعد السفر، و كيف لهم أن يقوموا بها بفرنسا أو إيطاليا؟ طبعا وجب عليهم المكوث ليومين او ثلاثة أيام بأحد هذين البلدين و ما يترتب عنه من مصاريف مادية، دون الحديث عن من هم برفقة عائلاتهم.

6- بالنسبة للجالية المقيمة بجزر الكناري، أعلنت شركة الطيران الكنارية binter canarias أنها ستستأنف عملها على الخط الجوي لاسبالماس-العيون إبتداء من يوم 25 اكتوبر المقبل، فيما أعلنت شركة الخطوط المغربية RAM عبر إتصال هاتفي أن هذا الخط قد تم إلغاؤه، فيما أبقت على الخط الجوي لاسبالماس-الدارالبيضاء إبتداء من تاريخ 15/07/2020 بمعنى قطع مسافة 962Km عوض 246Km  الفاصلة بين لاسبالماس و العيون، و هنا ينطبق المثل القائل " و ينهي وذنك، راااااعيها". فهل لإلغاء هذا الخط علاقة لما يروج بأن الشركة باعت 16 طائرة من أسطولها الجوي و تسريح 120 ربان طائرة ؟؟ !!!
ليث الحكومة إكتفت بغلق حدودها بصفة عامة، ليثها لم تزرع الأمل في نفس أم مشتاقة لرؤية أبنائها بعد غيبة طويلة، أو زوجةٍ و أبنائها لرؤية أبيهم، ليثها لم تصدر هذا القرار بالمرة و الذي ظاهره حلو و باطنه حنظل. ليثها راعت شعور من إنتظروا فتح الحدود لزيارة قبور بعض أفراد العائلة الذين وافتهم المنية خلال هذه الحقبة.
ليث الحكومة تعيد النظر في قراراتها و تصحح أخطائها بعيدا عن الإستغلال الفاحش لفئةٍ تضخ الملايير من العملة الصعبة كل سنة لصالح خزينة الدولة، و أن تعي أن جائحة كرونا لم تستثني أبناء الجالية.

قرار كهذا يجعلنا نتأكد، و بالملموس، أن من يصدرون القرارات ليست لديهم أدنى فكرة عن أحوال المهاجرين، و يكشف عن مدا عمق الهوة بين المهاجرين و من يمثلونهم من المعينين و ينسف كل ما يتم ترويجه عبر الخطابات الإعلامية الجوفاء، و إلا فماهو دور وزارة الهجرة و السفارات و القنصليات بالإضافة إلى حلب جيوب المهاجرين أثناء طلب إستخراج بعض الوثائق المهمة ؟؟!!
لماذا لا يتم تزويد القنصليات بأطرٍ طبيةٍ تقوم بإعطاء شواهد الخلو من الفيروس؟ فتكون الحكومة قد إستفادتْ ماديا "خيرنا ما يديه غيرنا" على الاقل سيستفيد المهاجر من ميزة التنسيق في مراعاة وقت الرحلة.

و في الأخير لا ننسى أن الحكومة الإسبانية قد تتعامل بالمثل و تفرض نفس الشروط حين العودة إلى أراضيها. هذا إن لم تصدر قرارات جديدة خلال الايام المقبلة.
أظن أن الكثيرين، و تحت ظل هذه الظروف، سيفضلون البقاء في بلدان إقامتهم و تأجيل عودتهم إلى وقت لاحق.

                       كان الله في عون المغتربين
              ✍🏼 رئيس الجمعية : العروسي بوداني

طانطان 24