المركز المغربي لحقوق الإنسان يسلط الضوء على مجموعة من القضايا التي ارقت الرأي العام المغربي في زمن كورونا


بيـــــان
عقد المكتب الوطني للمركز المغربي لحقوق الإنسان لقاءه الدوري، على مدى اليومين الماضيين، عبر تقنية التواصل المرئي عن بعد، تداول من خلاله جملة من القضايا التي تستأثر باهتمام الحركة الحقوقية الوطنية، والرأي العام الوطني بوجه عام.
وعلى ضوء خلاصات ما ثمت مناقشته، يعلن المكتب الوطني للمركز المغربي لحقوق الإنسان للرأي العام ما يلي :
يعتبر قرار السيد وزير العدل بسحب مشروع قانون ما بات بعرف ب"تكميم الأفواه" خطوة إيجابية وضرورية، ويحذر من تكرار ذات النهج الالتباسي في تمرير  قوانين  تمس حق المواطنين والمواطنات في الرأي والتعبير، ويدعو الى ضرورة إحالتها على المؤسسات ذات الصلة، مع اعتماد الديمقراطية التشاركية في مثل هكذا قوانين، حتى لا يتسبب محاولة تمريرها دون استشارة المعنيين بالموضوع في مزيد من فقدان الثقة بين السلطة والشعب.
يعبر عن تنديده بحجم تجاوزات بعض رجال ونساء السلطة، واتساع نطاقها على نحو يضع السيد وزير الداخلية تحت طائلة المساءلة، بالنظر إلى ما تتمخض عنه هذه السلوكيات من تداعيات ترقى إلى الانتهاك المسترسل لحقوق المواطنين، من خلال أشكال متعددة من التعنيف والإهانة وتخريب ممتلكاتهم، كما أدت في بعضها إلى إزهاق الروح، مثلما حصل بالنسبة للمواطنة المسماة قيد حياتها ربيعة بمدينة تاونات، والتي فقدت حياتها بسبب عملية الهدم التي طالت بيتها، بالرغم من وجود توجه قضائي صريح بعدم تنفيذ قرارات الهدم أو الإفراغ خلال هذه الظرفية العصيبة، التي يمر بها المغرب والعالم بأسره، ولم تشفع لها توسلاتها للقائدة، التي لم تتوانى في دفعها والتخلص منها، مما أدى بعد لحظات من ذلك إلى سقوطها مغشيا عليها، لتفقد حياتها بعد ذلك، فيما لم تكلف ممثلة السلطات المحلية نفسها حتى استدعاء الإسعاف في الوقت المناسب، كما أقدم قائد آخر بمدينة تيفلت بالاعتداء بالضرب والسب والشتم على صحفيين بالقناة الأمازيغية أثناء محاولتهم مواكبة وضعية التموين بالسوق اليومي للمدينة، مما خلف موجة استياء لدى الساكنة التي عاينت الواقعة، ذات السلوك العنيف المرفوق بالسب والشتم طال أعضاء طاقم صحفي لموقع إلكتروني بالدار اليضاء، كما توصل المركز المغربي لحقوق الإنسان بمعطيات حول حادثة إقدام قائد الشبيكة بإقليم طانطان بهدم براريك على ضفاف الشاطئ، يقطنها العديد من المواطنين، منذ مدة طويلة جدا، يجنون قوت يومهم من صيد الأسماك، حيث ترك قاطنيها في العراء مع ألبستهم وامتعهتهم في ظروف مأساوية، مما يعتبر سلوكا مرفوضا بكل المقاييس، يقتضي التحقيق بشأنه مع القائد، وتطبيق القانون في حقه، وكذا حادثة معس كمية من الأسماك في ملكية بائع متجول من طرف قائد بدعوى خرق حالة الطوارئ، وحالات عديدة ومسترسلة، تنطوي كلها على شطط خطير في استعمال السلطة بشكل خطير ومهين، وسلوكيات مرفوضة اخلاقيا وإنسانيا وحقوقيا، ولا يمكن تبريرها بأي حال من الأحوال، مما يدفعنا إلى مطالبة السيد وزير الداخلية باتخاذ الإجراءات اللازمة، الكفيلة بفتح تحقيق في كل هذه التجاوزات واتخاذ ما يلزم من إجراءات. مع ضرورة اعتماد تدابير وقائية للحيلولة دون تكرار هذه السلوكات المشينة، التي تسيء إلى سمعة حقوق الإنسان ببلادنا، داخليا وخارجيا، كما أن صمت الوزارة على هذه الأفعال قد يعطي مؤشرا سلبيا في تكريس ظاهرة الإفلات من العقاب، وهو ما يؤدي للأسف الشديد في تمادي بعض رجال ونساء السلطة في ممارسة مثل هذه السلوكيات المرفوضة وغير المبررة.
كما يتساءل المكتب الوطني للمركز المغربي لحقوق الإنسان عن الدعم المخصص للفئات المعوزة، حيث أن شرائح عريضة جدا من المواطنين من الفئات الهشة ينددون بإقصاءهم وحرمانهم من الدعم الذي خصصته الدولة لهم، سواء من حاملي بطاقة راميد أو أصحاب الأنشطة غير المهيكلة، بل ويستنكرون استفادة بعض الأشخاص الميسوري الحال، مما يعتبر ضربا لأهداف المبادرة، فضلا عن الاختلالات التي طبعت توزيع قفة الإعانة في بعض المناطق، كبرشيد وإملشيل وغيرهما، وكلها اختلالات تتحمل مسؤوليتها وزارة الداخلية، وجب فتح تحقيق بشأنها وتنوير الرأي العام بنتائج ذلك، تفعيلا لمبدئي الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
شهدت أسواق النفط انهيارا في الأسعار لم يسبق له مثيل منذ ثلاثة عقود، مما شكل فرصة سانحة للدول غير النفطية، خاصة النامية منها، من أجل التزود بمتطلباتها من المحروقات سواء عن طريق ملأ خزاناتها أو إبرام عقود آجلة، على غرار ما أقدمت عليه دولة الأردن الشقيق، إلا أن الحكومة المغربية يبدو أنها غير مكترثة لهذه الفرصة، في ظل انكماش شبه مؤكد لعائداتها من السياحة ومن تحويلات الجالية المغربية بالخارج، رغم ما تمليه الظرفية من ضرورة لإعادة تشغيل محطات لاسامير تحت إشراف الحكومة، باعتبارها حاجة وطنية وتدخل في إطار الأمن الطاقي لبلادنا، مما يطرح أكثر من علامة استفهام إزاء هذا الصمت المريب، الذي لن يخدم سوى لوبيات المحروقات ببلادنا، الشيء الذي يدعونا إلى مطالبة السيد رئيس الحكومة بتحديد موقفه، والعمل على التخفيف من عبئ الدين الخارجي، عن طريق الاستفادة من أزمة انهيار سعر برميل النفط، وإعادة تأميم شركة لاسمير والعمل على استئناف عملية تشغيلها.
. تعاني شريحة عريضة من التلاميذ والتلميذات، عبر التراب الوطني، خاصة في المناطق النائية، من انقطاع التواصل التعليمي بينهم وبين مدرسيهم، خلال حالة الطوارئ، إما بسبب عدم توفر رابط الأنترنت في مناطقهم، بشكل جماعي أو فردي، أو عدم توفر أباءهم على الهواتف الذكية، ويمكن ان تصل نسبة ذلك إلى ما يقارب نصف المتمدرسين والمتمدرسات حسب تقديراتنا، على ضوء استطلاع الموضوع من خلال فروع المركز عبر التراب الوطني، مما يشكل تحديا كبيرا لا يمكن الاستهانة به بشأن ما تواجهه سيرورة العملية التعليمية ببلادنا من تحديات، يجعل من غير الممكن تكييف قرارات الوزارة على مبدأ استمرارية العملية التعليمية، مما يدفع إلى مساءلة السيد وزير التعليم عما ثم اتخاذه من تدابير لمعالجة هذا الخلل الذي قد يتسبب في إشكالية حقيقية، قد يؤدي ثمنها جيل بأكمله.
يعاني آلاف المواطنين المغاربة، الذين تقطعت بهم السبل خارج الوطن من وضعية إنسانية مأساوية، جراء عدم قدرتهم على الرجوع إلى بلادهم، وعدم قدرتهم على تأمين تكاليف الإقامة هناك، بعد استنفاذ ما بحوزتهم من أموال، حيث ترفض الحكومة المغربية لحد الساعة اتخاذ التدابير اللازمة لإعادتهم إلى ديارهم، بخلاف الكثير من الدول، التي تكفلت حكوماتها بإجراءات نقل مواطنيها عبر الطائرات، لذلك، يطالب المركز المغربي لحقوق الإنسان الحكومة المغربية بتحمل مسؤوليتها والإسراع في اتخاذ ما يلزم من تدابير لإعادة المواطنين العالقين في الدول الأجنبية، وإرجاعهم إلى بلدهم المغرب.
حرر بالرباط بتاريخ 7 ماي 2020
المكتب الوطني للمركز المغربي لحقوق الإنسان