حديث الأربعاء " المسرح الحساني آفاق و تحديات "


في أول حلقات البرنامج الجديد '' حديث الأربعاء '' استضاف الأستاذ المختار مجيديلة الدكتور اسليمة أمرز حول موضوع المسرح الحساني فكان حوارا مثمرا تم فيه مناقشة أهم النقاط الكبرى التي تحيط بهذا الموضوع و جاءت أجوبة الدكتور شافية و هادفة تسعى إلى تطوير هذا المسرح الفتي داخل المسرح المغربي.


س - هل يمكن أن تعرفنا عليك في كلمات ؟



ج - دعني ابتداء ومن باب الواجب الأخلاقي أن أتوجه للطاقمين التقني والصحفي المنتسب لجريدة الطنطان 24 بكامل شكري وامتناني على هذا الحوار الذي سنحاول من خلاله فتح كوة التواصل معكم ومع متتبعيكم، كما أغتنم الفرصة لأتقدم لكم ولكل ساكنة الطنطان بأحر التهاني والتبريكات بمناسبة عيد الفطر آملا أن يكون الجميع بمأمن وأمان.
أما عن سؤالكم، فعبد ربه : اسليمة امرز ، من مواليد 1979 بالطنطان، أستاذ الثانوي التأهيلي لمادة اللغة العربية، باحث في المسرح والثقافة الحسانية.



س - باعتبارك باحثا في مجال المسرح الحساني، ماذا يمكنك أن تقول عن وضعيته وحاله ضمن المسرح المغربي عامة؟



ج - إن وضعية المسرح الحساني لا تختلف عن نظيره في كل الثقافات مع استحضار جوانب ترتبط بالممارسة الابداعية من جهة، وأخرى ترتبط بالفضاء  المجالي والتنظيمي والمؤسساتي.
يعد المسرح ظاهرة ابداعية لها امتداد في عمق المجتمعات الانسانية، يتحول بتحولها ويتأثر بكل ما يسم تلك المجتمعات، والمسرح في الصحراء لا ينزاح عن هذا المسار، إذ أضحى يحظى باهتمام واقبال كبيرين بالرغم من العوائق والاكراهات التي ترتبط بتجربتنا الحسانية، إلا ان الفاعلين المسرحيين قد اهتدوا إلى السبيل الذي من شأنه ضمان استمرار مسيرتهم الابداعية والتغلب على قسط كبير من تلك الاكراهات من خلال نضالاتهم وإيمانهم بما يقدمون، الأمر الذي جعل الممارسة المسرحية في الصحراء تبصم على مسار ابداعي مشرف جدا وفي وقت وجيز وجدت لها مكانة مميزة ضمن تشكيل المسرح المغربي .


س - هل تقوقع المسرح في الثقافة الحسانية يمكن أن يحد من تطوره أم تعتبره ميزة تميزه عن باقي أنواع المسرح؟



ج - اطلاقا، دعنا أولا نوحد جهازنا المفاهيمي للوصول إلى إجابة سلسة لسؤالكم الذي يلامس قضايا كبرى من قضايا المسرح الحساني.
إن ذلك التقوقع يمكن تسميته بالتأصيل،  فكما تعلم أن المسرح دخيل على الثقافة الحسانية التي تسيدها الشعر منذ الأزل، وعلى غرار كل المجتمعات العربية، حاول آل حسان استنبات هذه الظاهرة الابداعية الوافدة في ثقافتهم من خلال البحث في الفرجات الحسانية التقليدية بغية تأصيل الفعل المسرحي بكل أبعاده ومكوناته، الأمر الذي سيجعل هذه التجربة المسرحية تحمل هوية بمعناها الأنتروبولوجي، من هنا وعطفا على سؤالكم أصبح المسرح في الصحراء يحمل هوية ثقافية ومجالية وتاريخية منفتحة تنهج منهجا حداثيا له رؤاه الممتدة لكل أفاق البحث الدرامي وتطوير الآليات والخروج من التقوقع المجالي والإيديولوجي. من هنا فعلاقة المسرح بالثقافة الحسانية هي علاقة تفاعلية ذات منحيين.
المنحى الأول: علاقة الكل بالجزء (المسرح وعاء للثقافة ... المسرح أبو الفنون ... المسرح أعم من الثقافة)
المنحى الثاني: علاقة عكسية (المسرح مكون ورافد من ورافد الثقافة)
بهذا أجيب على سؤالكم بالقطع تماما مع امكانية الحد من تطور المسرح الحساني خارج إطار الخصوصية الثقافية والسوسيولوجية الحسانية. وهذا أمر لا يختص بالمسرح الحساني فحسب وإنما يرتبط بالمسرح في كل المجتمعات التقليدية ، كالمسرح الأمازيغي مثلا؟



س - دكتور أمرز أنت تعتبر من الباحثين الذين عرفوا  بالمسرح الحساني وساهموا في تطويره، كيف تجد الدعم الموجه من طرف الجهات المعنية للمساهمة في هذا المجال؟



ج - تلك قضية من بين أهم القضايا التي وجب التعامل معها بحذر شديد خصوصا الفعاليات والفرق المسرحية، هي قضية تحتاج إلى تشريح وتشخيص وتوحيد وجهات النظر فيها بغية جمع كل آليات الترافع والنضال الثقافي والنقابي . فمسألة الدعم المقدم من القطاع الوصي أجده سلاحا ذو حدين، يمكن أن يساهم في بناء وتطوير تجربتنا المسرحية، كما يمكن أن يكون سببا في هدم تلك التجربة.
عموما دعني أقول لك وبكل مسؤولية أن وزارة الثقافة لا تزال تكرس هيمنة المركز ضاربة بذلك عمق التوجه السياسي الحديث الذي نهجه المغرب بتنزيل ما بات يعرف بالجهوية الموسعة واللا تمركز . ضف على ذلك أن القطاع الوصي لا يأخذ بعين الاعتبار في هيكلة لجنة الدعم المكلفة بدراسة المشاريع المقدمة من الفرق المسرحية في إطار التوطين أو الانتاج والترويج أو الجولات  الخصوصيات المجالية والجهوية وحتى الثقافية من هنا يتسرب سؤال إشكالي قد يوضح الجواب على سؤالكم: كيف للجنة أن تدرس مشروع فني يرمي إلى بناء عرض مسرحي منطلقا من النص وبعض التصورات التقنية في غياب عضو من تلك اللجنة يمكنه أكثر من غيره أن يفهم ويقرب الآخرين من جزيئات ذلك العمل الناطق بنسق لغوي- ثقافي معين سواء أمازيغي أو حساني.
القضية الثانية الشائكة في مسألة دعم القطاع المسرحي والثقافي عموما تكمن في ما هو محلي وجهوي وتحديدا في الجماعات الترابية التي لاتزال تنظر للمشروع الفني والثقافي في اطار الولاءات الحزبية والسياسية المكرسة لخدمة أجندة انتخابية محضة ، بمعنى أن أغلب الجماعات والمجالس الترابية لا تزال تنظر إلى الفاعل الثقافي ومسألة الدعم بعين الاستجداء وليست الأحقية، من هنا وجب أولا فتح نقاش جدي نقابي وقانوني يتوخى تكوين هذه المجالس في ما يرتبط بالمستجدات القانونية في هذا الاطار، والتي لها صلة بتنظيم الدعم وذلك من خلال تخصيص سطر مالي  مخصص لدعم الثقافة ضمن ميزانيات هذه المجالس .



س - قبل ان ننهي حديثنا أود أن أسألك عن رأيك في ظاهرة المسرح عن بعد أو كما أحب بعض المسرحيون تسميته مسرح نت؟



ج - حسب تصوري الخاص، ليس هناك مسرح عن بعد ومسرح عن قرب، هناك مسرح واحد، هذا المسرح الذي يكون حيا ومباشرا، أما ما سواه فمجرد وسائط تساهم في ايصال نسبة معينة من العمل المسرحي إلى المتلقي وفق شروط معينة تستلزمها  ظروف كالتي نعيشها هذه الأيام في ظل جائحة كورونا .



س - في الأخير نتمنى أن توجه كلمة لكل الفنانين والمسرحيين بمناسبة اليوم الوطني للمسرح:




ج - أولا أهنئ كل المسرحيين في كل الجهات بمناسبة اليوم الوطني للمسرح الذي يصادف 14 ماي من كل سنة، وكما هو معلوم تسند كل سنة مهمة كتابة كلمة للمسرح والمسرحيين لأحد الفعاليات المسرحية، من هنا أستعير بعضا من كلمة المسرحي بوسرحان الزيتوني الذي خط كلمة هذه السنة: " المسرح جرح منفتح على ملح الوقت … متروك - كل سنة – وحيدا في الأقبية الباردة كملف تأكله الأرضة… هو الضائع عنا، الكسيح الجريح النازف في صمت، كوالد مبعد في دار العجزة ..."
هذا بعض مما يسم المسرح ويميز المسرحيين، هذا المسرح الذي ينادينا اليوم كما كل يوم بأن نعيد النظر في مسلماتنا اتجاهله، يدعونا كي نغير أنفسنا قبل أن نغير الآخر، يلتمس منا الصدق في العمل حتى يسكن أركان ركحنا، يطالبنا بأن نجعل التمثيل حكرا على أشباه القاعات التي تحسب علينا، يأمرنا أن نرمي الأقنعة في قاعات الإكسسوارات ونطهر واقعنا بالمسرح، لا أن نلوثه بداعي المسرح .
المسرح طقس نلامس فيه ما تبقى فينا من الانسانية
تطهروا أيها المسرحيون قبل ممارسة المسرح، فكل الطقوس تنتهي بتقديم القرابين وأنتم تقدمون المسرح كقربان لما اشتهت أنفسكم. كل عام والمسرح بكم بخير وكل عيد وانتم بالمسرح بخير .