فيصل رشدي الاستاذ الباحث في الثقافة البرتغالية يرثي ابن عمه علي ميارة


مرت ثلاثة أيام على فراقك يا علي.
يعم الحزن على المكان، شيع الأحباء جنازتك. سأقول لك يا علي،  لقد امتلأ المسجد بالمصلين عن آخره، وفي خارجه أقيمت ثلاثة صفوف. أقيمت صلاة الجنازة وأنت أمام الإمام، صلوا عليك بسلام، وحملوك الى مثواك الأخير. هل تعلم يا علي لما رأيت الأحباب والأصدقاء، ذهلت، فرأيت في الفيديوهات والصور ما لا رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر بقلب بشر. جنازتك مهيبة يا ابن عمي وصهري. جنازتك دليل  على حب الناس لك، فرأيت من  كان   يبكي هناك، و من سالت دمعته في نفسه و هناك من سكن الحزن قلبه وعم عليه.
 هل تعلم يا علي هذا الكم الهائل من الحضور، هؤلاء  هم الذين يحبونك. لقد دهشت، وقلت في نفسي إنها علامات المؤمن الذي أحبه الله بين عباده وقربه إليه.
حضر  المشيعون  جنازتك يا علي، فرأيت القبور وقلت تلك الآية التي يرددها أحد أبناء،عمومتنا *وماتدري نفس بأي أرض 
تموت. *
توارى الثرى يا علي، ويغادر المشيعون المقبرة، لتترك فينا حزنا عميقا، كموت جدك المجاهد علي ولد ميارة، تلك الفاجعة لانزال نكتوي بنيرانها.
فراقك يا علي  آسى وألم لن يندمل مع الزمن.
عدت يا علي إلى منزلك، فتحت ألبوم الصور، رأيت بأسى طفولتك وأنت تبتسم بفرح طفولي في شوارع الطانطان، رأيت صورتك أنت و أقرانك، رأيت ذكريات فرح عمت وجهك الملائكي، رأيت صورتك وأنت في ذاك الفريق، سرني لون فريقكم  البرتقالي. تأملت صورك وكل شيء يحيط بك. خرجت من المنزل الذي لم يعد كما كان. كان شمسا تشرق في القدس وصارت ليلا حالكا مخيفا ككهف مظلم. في غيابك يا علي لم تعد الطيور تغرد كل صباح فوق منزلك، لم أعد أرى سوى أشباح تخيم في حيك؟ 
أنني فقدت التفكير والوقوف في غيابك هذه الأيام الثلاثة التي خلت. عندما كنت ترى صديقا  يا علي تبتسم له، و عندما ترى قريبا لك تضمه إليك. كل شيء لم يعد له طعم في غيابك.
في غيابك تركت أبناءك، في غيابك تركت حفيدا يحبك، تركت إخوة لم يحفل الزمن بمثلهم. هاهو حمدي يودعك وقلبه معك، وعمار وميارة لم يصدقا بعد موتك،  وأنا معهم  أعيش بعقلين وقلبين، نفس في الرباط ، وأخرى في العيون. 
ثلاثة أيام *لم يعد هناك إحساس بالراحة في غيابك* كما قال الكاتب النيجيري تشينوا أتشيبي، يا علي .
فيصل رشدي، الرباط
طانطان 24