مهرجان تويزكي للرحل يجسد قيم البداوة الاصيلة ويرسل رسالة واضحة لمهرجانات المجون بالصحراء


رغم أن غالبية ساكنة الصحراء أصبحت غير ملمة بالبادية وحياتها  وطقوسها بعد الاستقرار بالمدينة وسنوات الجفاف المتتالية  ،مما جعل  الكثير من العادات ومظاهر الحياة توشك اليوم أن تندثر في ظل عاصفة العولمة الهوجاء التي تختزل المسافات، وتزيل الخصوصيات، وتجعل من العالم قرية واحدة، بل تحاول أكثر من ذلك أن تسوق منهجا وطريقة موحدة في الحياة هي الطريقة الغربية في أنماط السلوك وطرائق العيش.

مهرجان تويزكي الدولي للرحل الذي نظم على الكثبان الرملية لقرية تويزكي الحدودية وعلى وادي لخنك وبين شجيرات الطلح التي يعرف بها هذا الوادي وعلى مدى  3 أيام سعى لتجاوز هذا التحدي، وإحياء خصوصيات شعب تكاد تتلاشى، وتجسيد طرق وأنماط حياة عاشها البدو الصحرلويين بين هذه الوديان المختلفة، ودرجوا عليها في دروب صحرائهم الشاسعة.

وشمل المهرجان مسابقات للهجن تبارى خلالها عشرات الجمّالين للفوز بجائزة أقوى وأسرع جمل،إضافة إلى مسابقة الموازنة والحليب، كما تبارى عدد من الفرق الشعبية في مسابقة أخرى خاصة رمي الشارة  وهي من الطقوس التي وجد فيها الشيوخ و الآباء ظالتهم.
منظمو  المهرجان وعلى رأسهم الحضرمي بنكا  رئيس جماعة تويزكي ذكر لموقع طانطان24 أن تنظيم هذا المهرجان جاء بسبب الخوف على هذه الأنماط التراثية والحياتية من الاندثار والتلاشي، ومن أجل ربط ساكنة الصحرء بتاريخهم ونقل هذا التاريخ الجميل والمثير في نفس الوقت إلى الآخرين بهدف التعرف عليه وبالتالي تقدير أصحابه خاصة أن الصحراء  اليوم تقف في مرحلة انتقالية بين التحضر والتمدن وهي في أمس الحاجة إلى إحياء وتجديد تراثها وتقديمه في ثوب مقبول إلى الآخرين.

مضيفا أن  المهرجان يجسد قيم البداوة الأصيلة التي تعتمد في نظره على اربعة  دعائم أساسية "المرأة والماء والابل والكتاب" فعلى هذا الأساس  تم برمجة مجموعة من الندوات العلمية التي اطرها ثلة من الدكاترة والباحثين والمهتمين بالمجال الصحراوي  حيث تم نفض الغبار عن المعطيات التاريخية للتواجد البشري بمنطقة تويزكي وتموضعها الجغرافي والطبوغرافي المهم باعتبارها منطقة للتلاقح الحضاري بين مختلف الاجناس البشرية التي كانت ترتادها كما رصد الاساتذة الباحثون من خلال هذه الندوات جوانب من الحياة الاجتماعية والاقتصادية في اسا ومحيطها اواخر القرن19 وبداية ق 20  ومساهمة المرأة في التنمية الاقتصادية والسياحية ودورها الفعال في التربية ونقل القيم الی الناشئة كما تم  تسليط الضوء كذلك  علی الاستثمار الفلاحي ودوره في التنمية بحيث تتميز جماعة تويزكي بشساعة المجال الجغرافي وتنوع الموارد الفلاحية بها من فرشة مائية مهمة وغطاء غابوي من واحات وسهوب.

وعبّر الكثير من رواد المهرجان عن إعجابهم بالطريقة المثيرة في أنماط السلوك وطرائق العيش، وأثنوا على فكرة المهرجان والفعاليات التي تخللته والتي تجسد قيم البداوة الأصيلة وتعرف بالموروث الثقافي بعيدا عن ثقافة المجون التي تميز أغلب المهرجانات التي ترفع نفس الشعار. 

جل من حضر للمهرجان اعتبر  إن ما شاهدوه من معروضات  أعاد ذاكرتهم عقودا إلى الوراء، لاسيما ديكور الخيمة البدوية الذي كان مميزا بإعادة إحياء لفريك  والحضور الوازن للابل.   
وقدمت خلال المهرجان عروض فنية من طرف  فرق فنية مشتركة بين موريتانيا والنيجر ومالي وفرق محلية  من جهة كلميم وادنون ومجموعة  الكدرة بحضور مجموعة من فطاحل الشعر الذين تغنوا بالمنطقة وبتاريخها وبتاريخ الصحراء وامجادها. 
وقد جذب مهرجان تويزكي للرحل في نسخته الثانية  العديد  من الوفود الأجانب  خاصة من ألمانيا سويسرا بولونيا ومن دول عربية  الاردن وموريتانيا ومن أفريقيا خاصة مالي النيجر والسنغال  الذين استطاعوا من خلال  أروقة المهرجان التعرف على التقاليد الصحراوية الأصيلة التي ما زالت مغلفة بنكهة الماضي ويجهلها الغرب رغم أنها تتوفر على العديد من عناصر الجذب السياحي.
وقد استمتعت هذه الوفود الى جانب ساكنة إقليم آسا الزاك وزوار المهرجان الذين حضروا من مدن مختلفة   بفعاليات مهرجان "الرحل" رغم الإمكانيات المحدودة للجماعة الترابية لتويزكي إلا أنه بعزيمة الرجال و بتضامن الساكنة استطاع المنظمون الوصول إلى الأهداف المتوخات من المهرجان بل فاقت التوقعات آملين أن ينجحوا في النسخ القادمة بجعل المنطقة وجهة سياحية تنافس مجموعة من المناطق السياحية بالمغرب خاصة أن إقليم آسا الزاك لديه من الإمكانيات الطبيعية ما يجعله يتبوأ الريادة سياحيا.
ويظل سر نجاح مهرجان تويزكي إعتماد المنظمين على الطاقات المحلية وخبرة شيوخ وأعيان القبيلة وسواعد شباب المنطقة وتخطيط منتخبين غيورين.
طانطان 24